فإنك قد ناضلت (1) عن دين الله، ونصحت لمحمد رسول الله، فأنت من المجاهدين في سبيل الله الفاضلين، فبينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعمار يتحادثان إذا حضرت اليهود الذين كانوا كلموه فقالوا: يا محمد ها صاحبك يزعم أنه (2) إن أمرته بحط السماء إلى الأرض أو رفع الأرض إلى السماء فاعتقد طاعتك وعزم على الايتمار لك لاعانه الله عليه، و نحن نقتصر منك ومنه على ما هو دون هذا، إن كنت نبيا فقد قنعنا أن يحمل عمار مع دقة ساقيه هذا الحجر، وكان الحجر مطروحا بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) بظاهر المدينة يجتمع عليه مائتا رجل ليحركوه فلم يقدروا، فقالوا له: يا محمد إن رام احتماله لم يحركه، ولو حمل في ذلك على نفسه لانكسرت ساقاه، وتهدم جسمه فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تحتقروا ساقيه فإنهما أثقل في ميزان حسناته من ثور و ثبير وحراء وأبي قبيس، بل من الأرض كلها وما عليها، وإن الله قد خفف بالصلاة على محمد وآله الطيبين ما هو أثقل من هذا الصخرة، خفف العرش على كواهل ثمانية من الملائكة بعد أن كان لا يطيقه معهم العدد الكثير والجم الغفير، ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا عمار اعتقد طاعتي وقل: اللهم بجاه محمد وآله (3) الطيبين قوني ليسهل الله عليك (4) ما أمرك به كما سهل على كالب بن يوحنا (5) عبور البحر على متن الماء وهو على فرسه يركض عليه بسؤاله الله تعالى بجاهنا أهل البيت، فقالها عمار واعتقدها فحمل الصخرة فوق رأسه، وقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله والذي بعثك بالحق نبيا هي أخف في يدي من خلالة أمسكها بها، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): حلق بها في الهواء فستبلغ بها قلة ذلك الجبل، وأشار بيده إلى جبل بعيد على قدر فرسخ، فرمى بها عمار وتحلقت في الهواء حتى انحطت على ذروة ذلك الجبل، ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لليهود: أو رأيتم؟ قالوا: بلى، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا عمار قم إلى ذروة الجبل فتجد هناك صخرة أضعاف ما كانت
(٣٣٦)