49 - تفسير الإمام العسكري: إن المسلمين لما أصابهم يوم أحد من المحن ما أصابهم لقي قوم من اليهود بعده بأيام عمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان فقالوا لهما: ألم تريا ما أصابكم يوم أحد؟ إنما يحرب كأحد طلاب ملك الدنيا حربه سجال (1)، تارة له وتارة عليه، فارجعوا عن دينه، فأما حذيفة فقال: لعنكم الله لا أقاعدكم ولا أسمع مقالتكم (2)، أخاف على نفسي وديني فأفر بهما منكم، وقام عنهم يسعى، وأما عمار بن ياسر فلم يقم عنهم ولكن قال لهم: معاشر اليهود إن محمد وعد أصحابه الظفر يوم بدر إن يصبروا وظفروا، ووعدهم الظفر يوم أحد أيضا إن صبروا ففشلوا وخالفوا فلذلك أصابهم ما أصابهم، ولو أنهم أطاعوا (3) فصبروا ولم يخالفوا غلبوا: فقالت له اليهود: يا عمار وإذا أطعت أنت غلب محمد سادات قريش مع دقة ساقيك؟ فقال: نعم، والله الذي لا إله إلا هو باعثه (4) بالحق نبيا، لقد وعدني محمد (5) من الفضل والحكمة ما عرفنيه من نبوته، وفهمينه من فضل أخيه ووصيه (6) وخير من يخلفه بعده، والتسليم لذريته الطيبين المنتجبين وأمرني بالدعاء بهم عند شدائدي ومهماتي، ووعدني أنه لا يأمرني بشئ فاعتقدت فيه طاعته إلا بلغته، حتى لو أمرني بحط السماء إلى الأرض أو رفع الأرضين إلى السماوات لقوى عليه ربي بساقي هاتين الدقيقتين، فقالت اليهود: كلا والله يا عمار محمد أقل عند الله من ذلك وأنت أوضع عند الله وعند محمد من ذلك، وكان فيها أربعون منافقا، فقام عمار عنهم وقال: لقد أبلغتكم حجة ربي، ونصحت لكم ولكنكم للنصيحة كارهون، وجاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له رسول الله: يا عمار قد وصل إلي خبركما، أما حذيفة فر (7) بدينه من الشيطان وأوليائه، فهو من عباد الله الصالحين، وأما أنت يا عمار
(٣٣٥)