[355] وروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: إن الله خلقنا فأحسن خلقنا، وصورنا فأحسن صورنا، وجعلنا عينه في عباده، ولسانه الناطق، ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة، ووجهه الذي يؤتى منه، وبابه الذي يدل عليه، وخزانه في سماواته وأرضه، بنا أثمرت الأشجار، وأينعت الثمار، وجرت الأنهار، وبنا نزل الغيث من السماء، وبنا أعشبت الأرض، وبعبادتنا عبد الله ولولانا ما عبدوا (1).
[356] وروي عن أبي بصير أنه قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن عندنا سرا من سر الله وعلما من علم الله لا يحتمله ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان، والله ما كلف الله - تعالى - أحدا ذلك الحمل غيرنا، ولا استعبد بذلك أحدا سوانا، وإن عندنا شيئا من ذلك امرنا بتبليغه عن الله عزوجل فبلغنا ما امرنا بتبليغه عنه - تعالى - من نجده، فلم نجد له موضعا ولا أهلا ولا حمالة يحملونه حتى خلق الله أقواما خلقوا من طينة خلق منها محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وذريته (عليهم السلام) من نور خلق منه محمدا وذريته وصنعهم بفضل صنع رحمته التي صنعه الله - تعالى - منها فبلغناهم عن الله - عز وجل - ما امرنا بتبليغه فقبلوه، وإحتملوه، وبلغهم ذلك عنا فقبلوه، وبلغهم ذكرنا فمالت قلوبهم إلى معرفتنا وحديثنا، فلولا أنهم خلقوا من ذلك لما كانوا كذلك قبلوه واحتملوه.
ثم قال (عليه السلام): إن الله خلق قوما لجهنم والنار فامرنا أن نبلغهم كما بلغنا أولئك فاشمأزوا من ذلك ونفرت قلوبهم وردوه علينا ولم يحتملوه وكذبوا به وقالوا: ساحر كذاب، فطبع الله على قلوبهم وأنساهم ذلك، ثم أطلق ألسنتهم ببعض الحق فهم ينطقون به وقلوبهم منكرة ليكون ذلك دفعا عن أوليائه وأهل طاعته، ولولا ذلك ما عبد الله في أرضه، فامرنا بالكف عنهم والستر والكتمان منهم.