البصر يراه كما يشاء الله، فإن قدرة الله لا تقدر على عقل ولا يدركها وهم، لأنها نفس الذات المقدسة، وهي لا يحيط بها علم، وإنما هو أمر الله - سبحانه - (إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) (1)، (لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون) (2) فقوة الأنبياء والمحتضرين على رؤية الملائكة ليست بقوة جسمانية يفهمها الإنسان ويحيط علمه بها، بل هو أمر الله لا يعلل ولا يأول، بل يجب التسليم فيه لأهل الذكر (عليهم السلام).
[77] فقد قال الصادق (عليه السلام): إنما امر الناس بمعرفة إمامهم والرد إليه والتسليم له (3).
[القول بالتفريق بين رؤية الملك ورؤية النبي والوصي (عليهم السلام)] وأما قوله (رحمه الله): ولا يجوز مثل ذلك في رسول الله وأميرالمؤمنين (عليهما السلام) لاختلاف ما بين أجسامهما وأجسام الملائكة في التركيبات.
فهذا الفرق الذي ذكره (رحمه الله) لا يصلح للتعليل; لما تقدم في حديث يونس عن الصادق (عليه السلام)، وهو أن الإنسان إذا مات صير الله روحه في قالب كقالبه الأول، فبه يعرف ويأكل ويشرب ويجالس ويتحدث، فلو ساغ الحكم هنا بالعقل دون النقل عن أهل الذكر «صلوات الله عليهم» لرجحنا رؤية المحتضر لمحمد وعلي (عليهما السلام) على رؤية الملك; لحديث يونس والقالب للروح وأن الله - سبحانه - يسلكها فيه إلى يوم البعث.
فعلى هذا صار الآدمي أولى بالرؤية من الملك; لكنا نقول كما قال - سبحانه وتعالى -:
(فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) (4).
وقال - تعالى -: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) (5).
وقال - تعالى -: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم) (6).