فأمر الله النار فأبرزت جميع ما فيها من ألوان النكال في العذاب وقال لهما:
مكان الظالمين لهم المدعين لمنزلتهم في أسفل درك منها، ﴿كلما أرادوا أن يخرجوا منها اعيدوا فيها﴾ (١)، و ﴿كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها﴾ (٢) فلا تنظرا أنوار حججي بعين الحسد فأهبطكما من جواري وأحلكما هواني.
﴿فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين، فدلاهما بغرور﴾ (٣) وحملهما على تمني منزلتهم، فنظرا إليهم بعين الحسد فخذلا حتى أكلا من تلك الشجرة، وهي شجرة الحنطة، فعاد مكان ما أكلا شعيرا; فأصل الحنطة ما لم يأكلاه، وأصل الشعير ما عاد مكان ما أكلاه، فلما أكلا طار الحلي والحلل من أجسادهما وبقيا عاريين، ﴿وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما أن الشيطان لكما عدو مبين﴾ (٤).
﴿قالا: ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين﴾ (5).
قال: إهبطا من جواري فلا يجاورني في الجنة من يعصيني.
فهبطا موكلين إلى أنفسهما في طلب المعاش، فلما أراد الله أن يتوب عليهما جاءهما جبرئيل فقال لهما: إنكما ظلمتما أنفسكما بتمني منزلة من فضل عليكما فجوزيتما بالهبوط من جوار الله - تعالى - إلى أرضه فاسألا ربكما بحق الأسماء التي رأيتماها على ساق العرش ليتوب عليكما.
فقالا: اللهم إنا نسألك بحق الأكرمين عليك محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة التسعة إلا تبت علينا ورحمتنا.