وجدي أبي جعفر الطوسي قدس الله أرواحهم أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يعتكف هذا العشر الاخر (1) من شهر رمضان (2).
أقول: واعلم أن كمال الاعتكاف هو إيقاف العقول والقلوب والجوارح على مجرد العمل الصالح، وحبسها على باب الله جل جلاله، ومقدس إرادته، وتقييدها بقيود مراقباته، وصيانتها عما يصون الصائم كمال صونه عنه، ويزيد على احتياط الصائم في صومه زيادة معنى المراد من الاعتكاف، والتلزم باقباله على الله وترك الاعراض عنه.
فمتى أطلق المعتكف خاطرا لغير الله في طرق أنوار عقله وقلبه، أو استعمل جارحة في غير الطاعة لربه، فإنه يكون قد أفسد من حقيقة كمال الاعتكاف، بقدر ما غفل أو هون به من كمال الأوصاف.
ومنها: ذكر المواضع التي يعتكف فيها:
روينا بإسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكليني وأبي جعفر ابن بابويه وجدي أبي جعفر الطوسي رضي الله عنهم باسنادهم إلى عمر بن يزيد قال:
قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما تقول في الاعتكاف ببغداد في بعض مساجدها؟
فقال: لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة قد صلى فيها إمام عدل صلاة جماعة، ولا بأس أن تعتكف في مسجد الكوفة والبصرة ومسجد المدينة ومسجد مكة (3).
ذكر أن الاعتكاف لا يكون أقل من ثلاثة أيام بالصيام:
رويناه بالإسناد المقدم ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يكون الاعتكاف أقل من ثلاثة أيام، ومتى اعتكف صام، وينبغي للمعتكف إذا اعتكف أن يشترط كما يشترط الذي يحرم (4).
أقول: ومن شرط المعتكف أن لا يخرج من موضع اعتكافه إلا لضرورة تقتضي جواز