عن الساق، ولم يأل جهدا، وبذل كل ما أطاق، ركب الصعب والذلول، وتجشم الحزن والسهول (1)، وأخذ يدأب في العمل ليلا ونهارا، وراجعني مهما أعضل عليه الأمر متنا ورجالا، فأعنته مخلصا في حل الإعضال، وبذلت وسعي في رفع الإشكال، وبالجملة جهد جهده وأتى بكل ما عنده حتى أخرج الكتاب وأبرزه بهذه الصورة القشيبة (2)، والحلية الزاهرة النقيبة، منكشفا لبسه، مشرقة شمسه، زائلا قتامه (3)، منيرا بدره، منجليا ظلامه، مضيئة درره، متجلية فصوصه، كأنه عزم المعلق أن لا يدع لباحث وراء فحصه مطمعا، ولا لقوس تطلبه منزعا، وأصبح أبرزه بحيث القارئ في غنية عن مراجعة شتى الكتب لفهم ما حواه أو بيان ما احتواه، وسهل بتعاليقه الأمر على من يريد المؤانسة لفوائده والمنافسة في شرف عوائده، مع أن المحشي أيده الله في اقتبال من شبابه، وحداثة من سنه، وريعان من عمره، وهو في نعومة أظفاره وبكورة أعماله تراه قد تضلع في التنقيب واضطلع في التحقيق، فحياه الله نعم الصديق، وبياه نعم الصاحب والرفيق، نسأل الله تعالى أن يزيد له في التأييد والتوفيق.
علي أكبر الغفاري