سس حافلة بنفيس الأعلاق (1)، وفي عدم نظم المواضيع يشبه عقدا منفصما تناثرت منه اللئالي، وبساطا مبسوطا منشورة عليه الدراري، وهذا هو شأن كتب الأمالي لأي أحد من العظماء الأقاصي منهم والأداني.
ترى فيه اللؤلؤ والمرجان، والدر الوضاء، والحكمة البالغة، والبراهين الواضحة، والدروس الراقية.
وامتاز عن غيره بإيراد التاريخ الصحيح من الحوادث المظلمة التي وقعت في الصدر الأول وذكر موضع أهل البيت عليهم السلام فيها وما أمروا أتباعهم بها وغير ذلك، وقد طوينا عن تفصيلها كشحا.
وأما المطبوع منه سابقا فمن كثرة الأغلاط والتحريفات استترت شمسه بالسحاب، وتوارت أنجمه بالنقاب، واختفت غرة وجهه بالحجاب، فعز على الباحث مرامه، وابتعد عن الفهم الذكي صوابه، واستعصى على المطالع زمامه، ومن أجل ذلك ترك مهجورا مغفولا عنه، وصار قدره مجهولا، فلا بد من القيام بواجب حقه.
فلما سمع مني ذلك مصغيا إليه، أشرت عليه بإحيائه، وإناخة المطية بفنائه، والنزول إلى ساحته، فسر بذلك، وتقبله بقبول حسن، وأعرب عن رضاه بالتي هي أحسن، فشرطت عليه أن يجوب آماقه (2) ويتتبع أعماقه، ويضبط أصوله، ويحكم فصوله، ويفسر غريبه، ويبين مجمله، ويعرف مجهوله، ويميز مشتركات رجاله، وأن يمشي في كل ذلك على ضوء الحقيقة، لا مشرقا ولا مغربا، فاعتهد ذلك، وشمر ذيل الجزم