حملوه على دخول الحرم أناخ، وإذا تركوه رجع مهرولا. فقال عبد المطلب لغلمانه: ادعوا لي ابني، فجاؤوا بالعباس، فقال: ليس هذا أريد، ادعوا لي ابني، فجاؤوا بأبي طالب، فقال: ليس هذا أريد، ادعوا لي ابني، فجاؤوا بعبد الله أبي النبي صلى الله عليه وآله فلما أقبل إليه قال: اذهب يا بني حتى تصعد أبا قبيس، ثم اضرب ببصرك ناحية البحر فانظر أي شئ يجئ من هناك وخبرني به.
قال: فصعد عبد الله أبا قبيس، فما لبث أن جاء طير أبابيل (1) مثل السيل والليل فسقط على أبي قبيس، ثم صار إلى البيت، فطاف به سبعا، ثم صار إلى إلى الصفا والمروة، فطاف بهما سبعا، فجاء عبد الله رضي الله عنه إلى أبيه فأخبره الخبر (2)، فقال: أنظر يا بني ما يكون من أمر هؤلاء (3) بعد فأخبرني به، فنظرها فإذا هي قد أخذت نحو عسكر الحبشة، فأخبر عبد المطلب بذلك، فخرج عبد المطلب [رحمه الله] وهو يقول: يا أهل مكة اخرجوا إلى العسكر فخذوا غنائمكم. قال: فأتوا العسكر وهم أمثال الخشب النجرة (4)، وليس من الطير إلا [و] معه ثلاثة أحجار في منقاره ويديه، يقتل بكل حصاة منها واحدا من القوم، فلما أتوا على جميعهم انصرف الطير ولم ير قبل ذلك الوقت ولا بعده. فلما هلك القوم بأجمعهم جاء عبد المطلب إلى البيت فتعلق بأستاره وقال:
يا حابس الفيل بذي المغمس * حبسته كأنه مكركس (5)