وتحاضوا عليه.
واعملوا يا عباد الله إن المتقين حازوا عاجل الخير وآجله، شاركوا أهل الدنيا في دنياهم، ولم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم، أباحهم الله من الدنيا ما كفاهم وبه أغناهم، قال الله عز اسمه: " قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون (1) ".
سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت، وأكلوها بأفضل ما أكلت، شاركوا أهل الدنيا في دنياهم، فأكلوا معهم من طيبات ما يأكلون، وشربوا من طيبات ما يشربون، ولبسوا من أفضل ما يلبسون، وسكنوا من أفضل ما يسكنون، وتزوجوا من أفضل ما يتزوجون، وركبوا من أفضل ما يركبون، أصابوا لذة الدنيا مع أهل الدنيا (2) وهم غدا جيران الله، يتمنون عليه فيعطيهم ما تمنوه، ولا يرد لهم دعوة، ولا ينقص لهم نصيبا من اللذة. فإلى هذا يا عباد الله يشتاق إليه من كان له عقل، ويعمل له بتقوى الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
يا عباد الله إن اتقيتم الله، وحفظتم نبيكم في أهل بيته فقد عبدتموه بأفضل ما عبد، وذكرتموه بأفضل ما ذكر، وشكرتموه بأفضل ما شكر، وأخذتم بأفضل الصبر والشكر، واجتهدتم بأفضل الاجتهاد، وإن كان غيركم أطول منكم صلاة، وأكثر منكم صياما، فأنتم أتقى لله عز وجل منهم، وأنصح لأولي الأمر (3).
احذروا يا عباد الله الموت وسكرته، وأعدوا له عدته فإنه يفجأكم بأمر عظيم: بخير لا يكون معه شر أبدا، أو بشر لا يكون معه خير أبدا.
فمن أقرب إلى الجنة من عاملها؟ ومن أقرب من النار من عاملها؟ إنه ليس