أحدث استفاد معنى المحدث، لا تغيبه " منذ " (1)، ولا تدنيه " قد "، ولا تحجبه " لعل "، ولا توقته " متى "، ولا تشمله (2) " حين "، ولا تقارنه " مع "، كل ما في الخلق من أثر غير موجود في خالقه، وكل ما أمكن فيه ممتنع من صانعه، لا تجرى عليه الحركة والسكون، وكيف يجري عليه ما هو أجراه؟ أو يعود فيه ما هو ابتدأه؟ إذا لتفاوتت ذاته، ولامتنع من الأزل معناه، ولما كان للبارئ معنى غير المبروء (3).
(1) أي كيف لا يستحق معنى الخالق والبارئ قبل الخلق والحال أنه لا تغيبه منذ [مذ] التي هي لابتداء الزمان عن فعله، أي لا يكون فعله وخلقه متوقفا على زمان حتى يكون غائبا عن فعله بسبب عدم الوصول بذلك الزمان، منتظرا لحضور ابتدائه. ولا تدنيه " قد " التي هي لتقريب زمان الفعل، فلا يقال: قد قرب وقت فعله، لأنه لا ينتظر وقتا ليفعل فيه، بل كل الأوقات سواء النسبة إليه، ولا تحجبه عن مراده " لعل " التي هي للترجي، أي لا يترجى شيئا لشئ مراد له، بل " إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ". ولا توقته في مبادي أفعاله " متى " أي لا يقال: متى علم أو متى قدر أو متى ملك، لأن له صفات كماله ومبادي أفعاله لذاته من ذاته أزلا كأزلية وجوده تعالى.
ولا تشمله ولا تحدده ذاتا وصفة وفعلا " حين " لأنه فاعل الزمان، ولا تقارنه بشئ " مع " أي ليس معه شئ ولا في مرتبته شئ في شئ، ومن كان كذلك فهو خالق بارئ قبل الخلق لعدم تقيد خلقه وإيجاده بشئ غيره، فصح أن يقال: له معنى الخالق إذ لا مخلوق.
(2) كذا في التوحيد وفي بعض النسخ " ولا تشتمله ".
(3 () في النسخ " غير المبرئ " وهو تصحيف.