عن أبيه قال: لما أخرج عثمان أبا ذر الغفاري رحمه الله من المدينة إلى الشام كان يقوم في كل يوم، فيعظ الناس، ويأمرهم بالتمسك بطاعة الله، ويحذرهم من ارتكاب معاصيه، ويروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما سمعه منه في فضائل أهل بيته عليه وعليهم السلام، ويحضهم على التمسك بعترته.
فكتب معاوية إلى عثمان: أما بعد فإن أبا ذر يصبح إذا أصبح، ويمسي إذا أمسى وجماعة من الناس كثيرة عنده فيقول كيت وكيت، فإن كان لك حاجة في الناس قبلي فأقدم أبا ذر إليك، فإني أخاف أن يفسد الناس عليك، والسلام (1).
فكتب إليه عثمان: أما بعد فأشخص إلي أبا ذر حين تنظر في كتابي هذا، والسلام.
فبعث معاوية إلى أبي ذر فدعاه، وأقرأه كتاب عثمان، وقال له:
النجا (2) الساعة. فخرج أبو ذر إلى راحلته، فشدها بكورها، وأنساعها (3)، فاجتمع إليه الناس فقالوا له: يا أبا ذر رحمك الله أين تريد؟ قال: أخرجوني إليكم غضبا علي، وأخرجوني منكم إليهم الآن عبثا بي، ولا يزال هذا الأمر