كان قريبا من الجبل بصفين (1) فحضرت صلاة المغرب، فأمعن (2) بعيدا، ثم أذن، فلما فرغ من أذانه إذا رجل مقبل نحو الجبل، أبيض الرأس واللحية والوجه، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، مرحبا بوصي خاتم النبيين، قائد الغر المحجلين (3)، والأغر المأمون (4)، والفاضل الفائز بثواب الصديقين، وسيد الوصيين. فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: وعليك السلام كيف حالك؟ فقال: بخير، أنا منتظر روح القدس، ولا أعلم أحدا أعظم في الله عز وجل اسمه بلاء، ولا أحسن ثوابا منك، ولا أرفع عند الله مكانا، اصبر يا أخي على ما أنت فيه حتى تلقى الحبيب، فقد رأيت أصحابنا ما لقوا بالأمس من بني إسرائيل، نشروهم بالمناشير، وحملوهم على الخشب، ولو يعلم هذه الوجوه التربة الشايهة (5) وأومأ بيده إلى أهل الشام ما أعد لهم في قتالك من عذاب وسوء نكال لأقصروا، ولو تعلم هذه الوجوه المبيضة وأومأ بيده
(١٠٥)