فرغ علي عليه السلام من غسله كشف الإزار عن وجهه ثم قال: بأبي أنت وأمي طبت حيا وطبت ميتا، انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت أحد ممن سواك من النبوة والإنباء (1)، خصصت حتى صرت مسليا عمن سواك، وعممت حتى صار الناس فيك سواء (2) ولولا أنك أمرت بالصبر، ونهيت عن الجزع لأنفدنا عليك ماء الشؤون (3) [ولكن ما لا يرفع كمد وغصص محالفان، وهما داء الأجل وقلا لك] (4)، بأبي أنت وأمي اذكرنا عند ربك، واجعلنا من
(1) إذ في موت غيره من الأنبياء صلوات الله عليهم كان يرجى نزول الوحي على غيره فأما هو صلى الله عليه وآله فلما كان خاتم الأنبياء لم يرج ذلك (البحار).
(2) في الخطية: " حتى صارت المصيبة فيك. " قوله: " خصصت " أي في المصيبة، أي اختصت وامتازت مصيبتك في الشدة بين المصائب حتى صار تذكرها مسليا عما سواها، وعمت مصيبتك الأنام بحيث لا يختص بها أحد دون غيره (البحار)، وقال شارح النهج: " النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم خص أقاربه وأهل بيته حتى كان فيه الغنى والسلوة لهم عن جميع من سواه، وهو برسالته عام للخلق فالناس في النسبة إلى دينه سواء ".
(3) أي لأفنينا على فراقك ماء عيوننا الجاري من شؤونه وهي منابع الدمع من الرأس.
(4) الكمد: الحزن الشديد، والمحالف: المعاهد والملازم. وفي بعض النسخ:
" مخالقان " والمخالق: المعاشر بالحسن. و " قلا " فعل ماض متصل بالألف التثنية أي الكمد والغصص قليلان في جنب مصيبتك. وما أوردناه في المعقوفين هو في النسخ والبحار، و الظاهر أن فيه تصحيف كما نبه عليه العلامة المجلسي (ره) وأورده في النهج قسم الخطب تحت رقم 235 وفيه بعد كلمة الشؤون: " ولكان الداء مماطلا والكمد محالفا وقلا لك ولكنه ما لا يملك رده ولا يستطاع دفعه ". ومماطلا أي يماطل في الذهاب ولا يذهب.
والضمير في " لكنه " للموت أو الحزن.