يثبت وأما يكون من قبيل الاختلاف في كيفية الأداء كما في المد والإمالة ونحوهما. واختلفوا أيضا فقالت طائفة منهم: المراد بالأحرف السبعة اللغات لما نقل عن ابن عباس أنه قال «نزل القرآن على سبع لغات» وهؤلاء قد اختلفوا فقال أبو عبيد: ليس المراد أن كل كلمة تقرأ على سبع لغات بل اللغات السبعة مفرقة فيه فبعضه بلغة قريش، وبعضه بلغة هذيل، وبعضه بلغة هوزان، وبعضه بلغة اليمن وغيرهم، وبعض هذه اللغات أسعد بها من بعض وأكثر نصيبا وقال ابن حجر: المراد أن القرآن نزل على سبعة أوجه يجوز أن يقرء بكل وجه منها وليس المراد أن كل كلمة وجملة منه تقرأ على سبعة أوجه بل المراد أن غاية ما ينتهي إليه عدد القراءات في الكلمة الواحدة سبعة فتقرأ الكلمة بوجه وبوجهين إلى سبعة، وقيل: اللغات السبعة كلها من مضر وهم سبع قبائل هذيل وكنانة وقيس وضبة وتيم الرباب وأسد بن خزيمة وقريش وقال أبو حاتم السجستاني: نزل القرآن بلغة هذيل وقريش وتيم الرباب والأزد وربيعة وهوازن وسعد بن بكر وقال ابن قتيبة اللغات السبعة كلها في بطون قريش واحتج بقوله تعالى: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه) والنبي (صلى الله عليه وآله) كان قريشيا وبذلك جزم أبو علي الأهوازي ونقل أبو اسامة عن بعض شيوخهم أنه نزل القرآن أولا بلسان قريش ومن جاورهم من الفصحاء ثم أبيح للعرب أن يقرؤوه بلغاتهم التي جرت عادتهم بإستعمالها على خلافهم في الألفاظ والإعراب ولم يكلف أحد منهم الإنتقال من لغة إلى لغة أخرى للمشقة ولما كان فيهم من الحمية وطلب تسهيل فهم المراد مع اتفاق المعنى وعلى هذا ينزل اختلافهم في القراءة.
وقال ابن حجر: وتتمة ذلك أن يقال أن الإباحة المذكورة لم تقع بالتشهي أي أن كل أحد يغير الكلمة بمرادفها في لغته بل المراعي في ذلك السماع عن النبي (صلى الله عليه وآله) ويشير إليه قول كل من عمر وهشام في الحديث المذكور: أقرأني النبي (صلى الله عليه وآله) ولكن ثبت عن غير واحد من الصحابة أنه كان يقرأ بالمرادف ولو لم يكن مسموعا له وقال الصحابي: الأحرف السبعة إنما كانت في أول الأمر لاختلاف لغات العرب ومشقة تكلمهم بلغة واحدة فلما كثر الناس والكتب عادت إلى قراءة واحدة وقيل: أجمعوا على أن ليس المراد كما تقدم أن كل لفظ منه يقرأ على سبعة أوجه بل هو غير ممكن بل لا يوجد في القرآن كلمة تقرأ على سبعة أوجه إلا الشيء القليل مثل عبد الطاغوت (ولا تقل لهما أف) وحاصل ما ذهب إليه هؤلاء أن القرآن نزل سبع لغات للتوسعة على القارئ بأن يقرأه بأي لغة أراد منها على البدل من صاحبها وذلك للتسهيل إذ لو أخذوا بأن يقرؤوه على لغة واحدة لشق عليهم فلذلك جوز لهم أن يقرؤوه بلغات متعددة وقال بعضهم: أنكر أكثر أهل العلم أن يكون معنى الأحرف اللغات واختلف هؤلاء على أقوال فقيل: هي في المعاني يعني أنه نزل القرآن على