تاج الكرامة، ثم يقال له: هل أرضيناك فيه؟ فيقول القرآن: يا رب قد كنت أرغب له فيما هو أفضل من هذا، فيعطى الأمن بيمينه، والخلد بيساره، ثم يدخل الجنة، فيقال له: اقرأ واصعد درجة، ثم يقال له: هل بلغنا به وأرضيناك؟ فيقول: نعم. قال: ومن قرأ كثيرا وتعاهده بمشقة من شدة حفظه أعطاه الله عزوجل أجر هذا مرتين).
* الشرح:
قوله: (من قرأ القرآن وهو شاب مؤمن) لعل المراد أن تكون القراءة دأبه وعادته، وأن تكون من باب التفهم والتدبر، لا مجرد المرة ولا مجرد النطق مع إحتماله.
(اختلط القرآن بلحمه ودمه) يعني يؤثر في ظاهره وباطنه، ويوجب استقامة أعضائه، وقلبه وجوارحه، وتستقر فيها المواعظ الربانية والنصائح القرآنية استقرارا تاما، لعدم اعوجاجها بالمعاصي المانعة من قبول الحق بعد، ومن ثم اشتهر أن التعلم في الصغر كالنقش في الحجر.
(وكان القرآن حجيزا عنه يوم القيامة) أي كان مانعا يمنع عنه ذلك اليوم أهواله ومكارهه، وحذف المفعول للدلالة على التعميم.
(قال: ومن قرأ كثيرا وتعاهده بمشقة من شدة حفظه أعطاه الله عز وجل أجر هذا مرتين) هذا الحديث متفق عليه بين الخاصة والعامة، روى مسلم بإسناده عن عائشة، قالت: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتعتع فيه، وهو عليه شاق له أجران» وفي رواية أخرى «والذي يقرؤه وهو يشتد عليه له أجران» قيل: المراد بالتتعتع التردد فيه لقلة حفظه، والأجران أحدهما في قراءة حروفه والآخر في تعبه ومشقته، وليس المراد أنه أكثر أجرا من الماهر، بل الماهر أكثر أجرا لأنه مع السفرة عليهم السلام وله أجور كثيرة وكيف يلتحق من لم يعتن بكتاب الله بمن اعتنى به حتى مهر فيه، وقيل: أحد الأجرين تعاهد المشقة في تعلمه والآخر تعاهدها من شدة حفظه ورجحه على الأول بأن به يظهر الفرق بينه وبين من لم يكن له مشقة لا بالأول إذ لكل قارىء أجران أحدهما للتعلم والحفظ، وإن لم يكن فيهما مشقة والآخر لأجل القراءة.
أقول: ظاهر رواياتنا وروايتهم هو الأول.
* الأصل:
5 - أبو علي الأشعري، عن الحسن بن علي بن عبد الله، وحميد بن زياد، عن الخشاب، جميعا عن الحسن بن علي بن يوسف، عن معاذ بن ثابت، عن عمرو بن جميع، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن أحق الناس بالتخشع في السر والعلانية لحامل القرآن، وإن أحق الناس في