السر والعلانية بالصلاة والصوم لحامل القرآن، ثم نادى بأعلى صوته: يا حامل القرآن تواضع به يرفعك الله، ولا تعزز به فيذلك الله، يا حامل القرآن تزين به لله يزينك الله [به]، ولا تزين به للناس فيشينك الله به، من ختم القرآن فكأنما أدرجت النبوة بين جنبيه ولكنه لا يوحى إليه، ومن جمع القرآن فنوله لا يجهل مع من يجهل عليه، ولا يغضب فيمن يغضب عليه، ولا يحد فيمن يحد، ولكنه يعفو ويصفح، ويغفر، ويحلم لتعظيم القرآن، ومن اوتي القران فظن أن أحدا من الناس اوتي أفضل مما اوتي، فقد عظم ما حقر الله وحقر ما عظم الله).
* الشرح:
قوله: (إن أحق الناس بالتخشع في السر والعلانية) أي في الباطن بتقويم النفس بالأخلاق الفاضلة والعقائد الحقة الراسخة، وفي الظاهر بتسديد الجوارح والأعضاء بالأعمال الفاضلة، والأفعال الكاملة. (لحامل القرآن) المراد به القارئ العالم المتدبر فيه، العامل به، ويرشد إلى ذلك قوله تعالى: (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون).
(وإن أحق الناس في السر والعلانية) لعل المراد بهما هنا حالة الانفراد والاجتماع (بالصلاة والصوم) وغيرهما من العبادات.
(لحامل القرآن) أذله مرتبة المراقبة بالعبادات والمحافظة عليها والأمر بها والنهي من ضياعها لما شاهد فيه من الوعد والوعيد، والأمر والتهديد، ودرجات المطيعين، ودركات الفاسقين، وعقوبات العاصين (يا حامل القرآن تواضع به) أي بسبب القرآن وحمله لله تعالى ولرسوله وللمؤمنين. (يرفعك الله) في الدنيا والآخرة فتكون من المقربين (ولا تغزز به) عند الخلائق (فيذلك الله) فيهما فتكون من الهالكين.
(يا حامل القرآن تزين به) أي بالقرآن وترتيله وجواهر أسراره وحلل حقائقه ولطائف رقائقه (يزينك الله) بحلل الجنان وكرائم الإحسان، أو يمدحك في أعلى عليين وزمرة المقربين وفي الكنز زين آراستن ومدح كردن.
(ولا تزين به للناس) طلبا للعزة والتقرب والمدح والإحسان منهم (فيشينك الله به) أي يعيبك الله به عند الصالحين، ويقبحك عند إكرام الحاملين العاملين لله، وفي الكنز شين عيب كردن.
(ومن ختم القرآن فكأنما أدرجت النبوة في جنبيه) يعني في قلبه، لأن آثار النبوة وهي كل ما أوحى الله إلى النبي (صلى الله عليه وآله) دخل في قلبه تفصيلا وإجمالا فوقع التشابه.
(لكنه لا يوحى إليه) كما أوحى إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فحصل به التميز والتفارق، ثم أشار إلى بعض