ويبغضوكم عليه فتصبروا على ذلك منهم، مصداق ذلك كله في كتاب الله الذي أنزله جبرئيل (عليه السلام) على نبيكم (صلى الله عليه وآله) سمعتم قول الله عزوجل لنبيكم (صلى الله عليه وآله): (فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم) ثم قال: (وإن يكذبوك) (لقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا واوذوا) فقد كذب نبي الله والرسل من قبله وأوذوا مع التكذيب بالحق فإن سركم أمر الله فيهم الذي خلقهم له في الأصل - أصل الخلق - من الكفر الذي سبق في علم الله أن يخلقهم له في الأصل ومن الذين سماهم الله في كتابه في قوله: (وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار) فتدبروا هذا واعقلوه ولا تجهلوه فانه من يجهل هذا وأشباهه مما افترض الله عليه في كتابه مما أمر الله به ونهى عن ترك دين الله وركب معاصيه فاستوجب سخط الله فأكبه الله على وجهه في النار.
وقال: أيتها العصابة المرحومة المفلحة إن الله أتم لكم ما آتاكم من الخير واعلموا أنه ليس من علم الله ولا من أمره أن يأخذ أحد من خلق الله في دينه بهوى ولا رأي ولا مقائيس قد أنزل الله القرآن وجعل فيه تبيان كل شيء وجعل القرآن ولتعلم القرآن أهلا لا يسمع أهل علم القرآن الذين آتاهم الله علمه أن يأخذوا فيه بهوى ولا رأي ولا مقائيس أغناهم الله عن ذلك بما آتاهم من علمه وخصهم به ووضعه عندهم كرامة من الله أكرمهم بها وهم أهل الذكر الذين أمر الله هذه الامة بسؤالهم وهم الذين من سألهم، وقد سبق في علم الله أن يصدقهم ويتبع أثرهم، أرشدوه وأعطوه من علم القرآن ما يهتدي به إلى الله باذنه إلى جميع سبل الحق وهم الذين لا يرغب عنهم وعن مسألتهم وعن علمهم الذي أكرمهم الله به وجعله عندهم إلا من سبق عليه في علم الله الشقاء في أصل الخلق تحت الأظله فأولئك الذين يرغبون عن سؤال أهل الذكر والذين آتاهم الله علم القرآن ووضعه عندهم وأمر بسؤالهم. وأولئك الذين يأخذون بأهوائهم وآرائهم ومقائيسهم حتى دخلهم الشيطان لأنهم جعلوا أهل الايمان في علم القرآن عند الله كافرين وجعلوا أهل الضلالة في علم القرآن عند الله مؤمنين وحتى جعلوا ما أحل الله في كثير من الأمر حراما وجعلوا ما حرم الله في كثير من الأمر حلالا فذلك أصل ثمرة أهوائهم وقد عهد إليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل موته فقالوا: نحن بعد ما قبض الله عزوجل رسوله يسعنا أن نأخذ بما اجتمع عليه رأي الناس بعدما قبض الله عزوجل رسوله (صلى الله عليه وآله) وبعده عهده الذي عهده إلينا وأمرنا به مخالفا لله ولرسوله 9 فما أحد أجرأ على الله ولا أبين ضلالة ممن أخذ بذلك وزعم أن ذلك يسمعه والله إن لله على خلقه أن يطيعوه ويتبعوا أمره في حياة محمد (صلى الله عليه وآله) وبعد موته هل يستطيع اولئك أعداء الله أن يزعموا أن أحدا ممن أسلم مع محمد (صلى الله عليه وآله) أخذ بقوله ورأيه ومقائيسه؟ فإن قال: نعم، كذب على الله وضل ضلالا بعيدا وإن قال: لا لم يكن لأحد أن يأخذ برأيه وهواه ومقائيسه، فقد أقر بالحجة على نفسه