بدئ هيهنا بسبع تكبيرات وجعل في الثانية خمس تكبيرات، لأن التحريم من التكبير في اليوم والليلة خمس تكبيرات وليكون التكبير في الركعتين جميعا وترا وترا.
فإن قال: فلم أمر بالصوم؟ قيل: لكي يعرفوا ألم الجوع والعطش فليستدلوا على فقر الآخرة وليكون الصائم خاشعا ذليلا مستكينا مأجورا محتسبا عارفا صابرا على ما أصابه من الجوع والعطش فيستوجب الثواب مع ما فيه من الانكسار عن الشهوات وليكون ذلك واعظا لهم في العاجل ورائضا لهم على أداء ما كلفهم ودليلا لهم في الاجل وليعرفوا شدة مبلغ ذلك على أهل الفقر والمسكنة في الدنيا فيؤدوا إليهم ما افترض الله لهم في أموالهم.
فإن قال: فلم جعل الصوم في شهر رمضان خاصة دون سائر الشهور؟
قيل: لأن شهر رمضان الشهر الذي أنزل الله تعالى فيه القرآن وفيه فرق بين الحق والباطل كما قال الله عز وجل (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) (1) وفيه نبئ محمد (ص) وفيه ليلة القدر التي هي خير من الف شهر وفيها (يفرق كل أمر حكيم) وهو رأس السنة يقدر فيها ما يكون في السنة من خير أو شر أو مضرة أو منفعة أو رزق أو أجل ولذلك سميت ليلة القدر.
فإن قال: فلم أمروا بصوم شهر رمضان لا أقل من ذلك ولا أكثر؟ قيل : لأنه قوة العبادة الذي يعم فيها القوي والضعيف وإنما أوجب الله الفرائض على أغلب الأشياء وأعم القوي ثم رخص لأهل الضعف ورغب أهل القوة في الفضل ولو كانوا يصلحون على أقل من ذلك لنقصهم ولو احتاجوا إلى أكثر من لزادهم.
فإن قال: فلم إذا حاضت المرأة لا تصوم ولا تصلي؟ قيل: لأنها في حد نجاسة فأحب الله أن لا تعبده إلا طاهرا، ولأنه لا صوم لمن لا صلاة له.
فإن قال: فلم صارت تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ قيل: لعلل