فإن قال: فلم جعل صلاة السنة في أوقات مختلفة ولم يجعل في وقت واحد قيل: لأن أفضل الأوقات ثلاثة عند زوال الشمس وبعد المغرب وبالاسحار، فأحب أن يصلي له: في كل هذه الأوقات الثلاثة لأنه إذا فرقت السنة في أوقات شتى كان أدائها أيسر وأخف من أن تجمع كلها وقت واحد.
فإن قال: فلم صارت صلاة الجمعة إذا مع الامام ركعتين وإذا كانت بغير إمام ركعتين وركعتين؟ قيل: لعلل شتى منها إن الناس يتخطون إلى الجمعة من بعد فأحب الله عز وجل أن يخفف عنهم لموضع التعب الذي صاروا إليه ومنها أن الامام يحبسهم للخطبة وهم منتظرون للصلاة ومن انتظر الصلاة فهو في صلاة في حكم التمام ومنها أن الصلاة مع الامام أتم وأكمل لعلمه وفقهه وعدله وفضله ومنها أن الجمعة عيد وصلاة العيد ركعتان ولم تقصر لمكان الخطبتين.
فإن قال: فلم جعلت الخطبة؟ قيل: لأن الجمعة مشهد عام فأراد أن يكون للامام سببا لموعظتهم وترغيبهم في الطاعة وترهيبهم عن المعصية وتوقيفهم على ما أراد من مصلحة دينهم ودنياهم ويخبرهم بما ورد عليه من الأوقات ومن الأحوال التي لهم فيها المضرة والمنفعة.
فإن قال: فلم جعلت خطبتين؟ قيل: لأن تكون واحدة للثناء والتحميد والتقديس لله عز وجل والأخرى للحوائج والاعذار والانذار والدعاء وما يريد أن يعلمهم من أمره ونهيه بما فيه الصلاح والفساد.
فإن قال: فلم جعلت الخطبة يوم الجمعة قبل الصلاة وجعلت في العيدين بعد الصلاة؟ قيل: لأن الجمعة أمر دائم يكون في الشهر مرارا وفي السنة كثيرا فإذا أكثر ذلك على الناس صلوا وتركوه ولم يقيموا عليه وتفرقوا عنه، فجعلت قبل الصلاة ليحتبسوا على الصلاة ولا يتفرقوا ولا يذهبوا، وأما العيدان فإنما هو في السنة مرتان وهي أعظم من الجمعة والزحام فيه أكثر والناس منهم أرغب فإن تفرق بعض الناس بقي عامتهم وليس هو بكثير فيميلوا ويستخفوا به.
قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: جاء هذا الخبر هكذا: والخطبتان في