وقبح منظره وتغير ريحه، ولئلا يقسو القلب من كثرة النظر إلى مثل ذلك للعاهة والفساد وليكون أطيب لأنفس الاحياء ولئلا يبغضه حميم فيلقى ذكره ومودته فلا يحفظه خلف وأوصاه وأمره به واجبا كان أو ندبا.
فإن قال: فلم أمر بدفنه؟ قيل: لئلا يظهر الناس على فساد جسده وقبح منظره وتغير ريحه ولا يتأذى به الاحياء بريحه وبما يدخل عليه من الآفة والفساد وليكون مستورا عن الأولياء والأعداء فلا يشمت عدوه ولا يحزن صديقه.
فإن قال: فلم أمر من يغسله بالغسل؟ قيل: لعله الطهارة مما أصابه من نضح الميت لأن الميت إذا خرج منه الروح بقي منه أكثر آفته.
فإن قال: فلم لم يجب الغسل على من مس شيئا من الأموات غير الانسان كالطير والبهائم والسباع وغير ذلك؟ قيل: لأن هذه الأشياء كلها ملبسة ريشا وصوفا وشعرا ووبرا هذا كله زكي طاهر ولا يموت، وإنما يماس منه الشئ الذي هو زكي الحي والميت.
فإن قال: فلم جوزتم الصلاة على الميت بغير وضوء؟ قيل: لأنه ليس فيها ركوع ولا سجود وإنما هي دعاء ومسألة وقد يجوز أن تدعو الله وتسأله على أي حال كنت وإنما يجب الوضوء في الصلاة التي فيها الركوع والسجود.
فإن قال: فلم جوزتم الصلاة عليه قبل المغرب وبعد الفجر؟ قيل: لأن هذه الصلاة إنما تجب في وقت الحضور والعلة وليست هي مؤقة كسائر الصلوات وإنما هي صلاة تجب في وقت حدوث الحدث ليس للانسان فيه اختيار وإنما هو حق يؤدي وجائز أن تؤدي الحقوق أي وقت إذا لم يكن الحق مؤقتا.
فإن قال: فلم جعلت للكسوف صلاة؟ قيل: لأنه آية من آيات الله عز وجل لا يدري لرحمة ظهرت أم لعذاب؟ فأحب النبي (ص) أن يفزع أمته إلى خالقها وراحمها عند ذلك ليصرف عنهم شرها ويقيهم مكروهها كما صرف عن قوم يونس عليه السلام حين تضرعوا إلى الله عز وجل.
فإن قال: فلم جعلت عشر ركعات؟ قيل: الصلاة التي نزل فرضها