واحد فضوعف في هذا الشهر في كفارته توكيدا وتغليظا عليه.
فإن قال: فلم جعلت متتابعين؟ قيل: لئلا يهون عليه الأداء فيستخف به لأنه إذا قضاه متفرقا هان عليه القضاء.
فإن قال: فلم أمر بالحج قيل: لعلة الوفادة إلى الله عز وجل وطلب الزيادة والخروج من كل ما اقترف العبد تائبا مما مضى مستأنفا لما يستقبل مع ما فيه من إخراج الأموال وتعب الأبدان والاشتغال الأهل والولد وحظر الأنفس عن اللذات شاخص في الحر والبرد ثابت ذلك عليه دائم مع الخضوع والاستكانة والتذلل مع ما في ذلك لجميع الخلق من المنافع في شرق الأرض وغربها ومن في البرد والحر ممن يحج وممن لا يحج من بين تاجر وجالب وبائع ومشتري وكاسب ومسكين ومكار وفقير وقضاء حوائج أهل الأطراف في المواضع الممكن الاجتماع فيها مع ما فيه من التفقه ونقل أخبار الأئمة عليهم السلام إلى كل صقع وناحية كما قال الله تعالى (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون (1) وليشهدوا منافع لهم).
فإن قال: فلم أمروا بحجة واحدة لا أكثر من ذلك؟ قيل: لأن الله تعالى وضع الفرائض على أدنى القوم مرة كما قال الله عز وجل (فما استيسر من الهدى) (2) يعنى شاة ليسع القوي والضعيف وكذلك سائر الفرائض إنما وضعت على أدنى القوم قوة فكان من تلك الفرائض الحج المفروض واحدا، ثم رغب بعد أهل القوة بقدر طاقتهم.
فإن قال: فلم أمروا بالتمتع بالعمرة إلى الحج؟ قيل: ذلك تخفيف من ربكم ورحمة لأن يسلم الناس من احرامهم ولا يطول عليهم ذلك فتداخل عليهم الفساد ولأن يكون الحج والعمرة واجبين جميعا، فلا تعطل العمرة ولا تبطل، ولأن يكون الحج مفردا من العمرة ويكون بينهما فصل تمييز وقال النبي