لأن فيه القتل فجعلت الشهادة فيه مضاعفة مغلظة لما فيه من قتل نفسه وذهاب نسب ولده ولفساد الميراث.
وعلة تحليل مال الولد لوالده بغير إذنه وليس ذلك للولد لأن الولد مولود للوالد في قول الله عز وجل (يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور) (1) مع أنه المأخوذ بمؤنته صغيرا أو كبيرا والمنسوب إليه أو المدعو له لقول الله عز وجل (أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله) (2) وقول النبي (ص) أنت ومالك لأبيك وليس للوالدة كذلك لا تأخذ ماله إلا بإذنه أو بإذن الأب لأن الأب مأخوذ بنفقة الولد ولا تؤخذ المرأة بنفقة ولدها.
والعلة في أن البينة في جميع الحقوق على المدعي واليمين على المدعى عليه ما خلا الدم لأن المدعي عليه جاحد ويمكنه إقامة البينة على الجحود ولأنه مجهول وصارت البينة في الدم على المدعى عليه واليمين على المدعي لأنه حوط (3) يحتاط به المسلمون لئلا يبطل دم امرء مسلم وليكون زاجرا وناهيا للقاتل لشدة إقامة البينة عليه لان من يشهد على أنه لم يفعل قليل.
وأما علة القسامة أن جعلت خمسين رجلا فلما في ذلك من التغليظ والتشديد والاحتياط لئلا يهدر دم امرء مسلم.
وعلة قطع اليمين السارق لأنه يباشر الأشياء بيمينه وهي أفضل أعضائه وأنفعها له فجعل قطعها نكالا وعبرة للخلق لئلا يبتغوا أخذ الأموال من غير حلها ولأنه أكثر ما يباشر السرقة بيمينه وحرم غصب الأموال وأخذها من غير حلها لما من أنواع الفساد والفساد محرم لما فيه من الفناء وغير ذلك من وجوه الفساد.
وحرمة السرقة لما فيه من فساد الأموال وقتل الأنفس لو كانت مباحة ولما يأتي في التغاصب من القتل والتنازع والتحاسد وما يدعو إلى ترك التجارات والصناعات في المكاسب واقتناء الأموال إذا كان الشئ المقتنى لا يكون أحد