شتى فمنها أن الصيام لا يمنعها من خدمة نفسها وخدمة زوجها وإصلاح بيتها والقيام بأمرها والاشتغال بمرمة معيشتها والصلاة تمنعها من ذلك كله لأن الصلاة تكون في اليوم والليلة مرارا فلا تقوى على ذلك والصوم ليس كذلك ومنها أن الصلاة فيها عناء وتعب واشتغال الأركان وليس في الصوم شئ من ذلك وإنما هو الامساك عن الطعام والشراب وليس فيه اشتغال الأركان ومنها أنه ليس من وقت يجئ إلا تجب عليها فيه صلاة جديدة في يومها وليلتها وليس الصوم كذلك لأنه ليس كلما حدث يوم وجب عليها الصوم وكلما حدث وقت الصلاة وجب عليها الصلاة.
فإن قال: فلم إذا مرض الرجل أو سافر في شهر رمضان فلم يخرج من سفره أو لم يفق من مرضه حتى يدخل شهر رمضان آخر وجب عليه الفداء للأول وسقط القضاء فإذا أفاق بينهما أو أقام ولم يقضه وجب عليه القضاء والفداء؟ قيل: لأن ذلك الصوم إنما وجب عليه تلك السنة في ذلك الشهر فأما الذي لم يفق فإنه لما أن مرت عليه السنة كلها وقد غلب الله تعالى عليه فلم يجعله له السبيل إلى أدائه سقط عنه وكذلك كلما غلب الله عليه مثل المغمى عليه الذي يغمى عليه يوما وليله فلا يجب عليه قضاء الصلاة قال الصادق عليه السلام: كلما غلب الله عليه العبد فهو أعذر له لأنه دخل الشهر وهو مريض فلم يجب عليه الصوم في شهره ولا سنته للمرض الذي كان فيه ووجب عليه الفداء، لأنه بمنزلة من وجب عليه صوم فلم يستطع إداءه فوجب عليه الفداء كما قال الله عز وجل (فصيام شهرين متتابعين فمن لم يستطع فاطعام ستين مسكينا) (1) وكما قال الله عز وجل (ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) (2) فأقام الصدقة مقام الصيام إذا عسر عليه.
فإن قال: فلم فإن لم يستطع إذ ذاك فهو الآن فيستطيع؟ قيل: لأنه لما دخل عليه شهر رمضان آخر وجب عليه الفداء للماضي، لأنه كان بمنزلة من وجب عليه صوم في كفارة، فلم يستطعه فوجب عليه الفداء وإذا وجب