وهم عظة لأهل الغنى وعبرة ليستدلوا على فقراء الآخرة بهم وما لهم من الحث في ذلك على الشكر لله تبارك وتعالى لما خولهم (1) وأعطاهم والدعاء والتضرع والخوف من أن يصيروا مثلهم في أمور كثيرة في أداء الزكاة والصدقات وصلة الأرحام واصطناع المعروف.
وعلة الحج الوفادة إلى الله تعالى وطلب الزيادة والخروج من كل ما اقترف وليكون تائبا مما مضى مستأنفا لما يستقبل وما فيه من استخراج الأموال وتعب الأبدان وحظرها الشهوات واللذات والتقرب بالعبادة إلى الله عز وجل والخضوع والاستكانة والذل شاخصا إليه في الحر والبرد والامن والخوف دائبا في ذلك دائما وما في ذلك لجميع الخلق من المنافع والرغبة والرهبة إلى الله عز وجل ومنه ترك قساوة القلب وجسارة الأنفس ونسيان الذكر وانقطاع الرجاء والعمل وتجديد الحقوق وحظر النفس عن الفساد ومنفعة من في شرق الأرض وغربها ومن في البر والبحر ممن يحج وممن لا يحج من تاجر وجالب وبائع ومشتر وكاسب ومسكين وقضاء حوائج أهل الأطراف والمواضع الممكن لهم الاجتماع فيها كذلك ليشهدوا منافع لهم.
وعلة فرض الحج مرة واحدة لأن عز وجل وضع الفرائض على أدنى القوم قوة فمن تلك الفرائض الحج المفروض واحد ثم رغب أهل القوة على قدر طاقتهم.
وعلة وضع البيت وسط الأرض أنه الموضع الذي من تحته دحيت (2) وكل ريح تهب في الدنيا، فإنها تخرج من تحت الركن الشامي وهي أول بقعة وضعت في الأرض لأنها الوسط ليكون الغرض لأهل الشرق والغرب في ذلك سواء وسميت مكة مكة لأن كانوا يمكون (3) فيها وكان يقال لمن قصدها: قد مكا وذلك قول الله عز وجل (وما كان صلاتهم عند البيت إلا