الايمان إنما هو التوحيد والاقرار لله عز وجل بالوحدانية والثاني الاقرار للرسول بالرسالة وإن طاعتهما ومعرفتهما مقرونتان وأن أصل الايمان هو إنما الشهادة، فجعل الشهادتين في الاذان كما جعل في سائر الحقوق شهادتين فإذا أقر لله تعالى بالوحدانية والاقرار للرسول بالرسالة فقد أقر بجملة الايمان لان أصل الايمان إنما هو الاقرار بالله وبرسوله.
فإن قال (قائل): فلم جعل بعد الشهادتين الدعاء إلى الصلاة؟ قيل : لأن الاذان إنما وضع لموضع الصلاة وإنما هو النداء إلى الصلاة فجعل النداء إلى الصلاة في وسط الاذان فقدم المؤذن قبلها أربعا التكبيرتين والشهادتين وأخر بعدها أربعا يدعوا إلى الفلاح حثا على البر والصلاة ثم دعا إلى خير العمل مرغبا فيها وفي عملها وفي أدائها ثم نادى بالتكبير والتهليل ليتم بعدها أربعا كما أتم قبلها أربعا وليختم كلامه بذكر الله كما فتحه بذكر الله.
فإن قال (قائل): فلم جعل آخرها التهليل ولم يجعل آخرها التكبير كما جعل في أولها التكبير قيل: لأن التهليل أسم الله في آخره فأحب الله تعالى أن يختم الكلام باسمه كما فتحه باسمه.
فإن قال (قائل): فلم لم يجعل بدل التهليل التسبيح والتحميد واسم الله في آخرهما؟ قيل: لأن التهليل إقرار لله تعالى بالتوحيد وخلع الأنداد من دون وهو أول الايمان وأعظم من التسبيح والتحميد.
فإن قال: فلم بدأ في الاستفتاح والركوع والسجود والقيام والقعود بالتكبير؟ قيل: لعله التي ذكرناها في الاذان.
فإن قال: فلم جعل الدعاء في الركعة الأولى قبل القراءة ولم جعل في ركعة الثانية القنوت بعد القراءة؟ قيل: لأنه أحب أن يفتح قيامه لربه وعبادته بالتحميد والتقديس والرغبة والرهبة ويختمه بمثل ذلك وليكون في القيام عند القنوت أطول فأحرى أن يدرك المدرك الركوع ولا يفقه الركعة في الجماعة.
فإن قال: فلم أمروا بالقراءة في الصلاة؟ قيل: لئلا القراءة مهجورا مضيعا وليكون محفوظا فلا يضمحل ولا يجهل