(ص): أن العباد لا يؤدون هاتين الركعتين بتمام ما أمروا به وكماله فضم إلى الظهر والعصر والعشاء الآخرة ركعتين ركعتين ليكون فيها تمام الركعتين الأوليين أنه علم إن صلاة المغرب يكون شغل الناس في وقتها أكثر للانصراف إلى الافطار والأكل والشرب والوضوء والتهيئة للمبيت فزاد فيها ركعة واحدة ليكون أخف عليهم، ولأن تصير ركعات الصلاة في اليوم والليلة فردا ثم ترك الغداة على حالها لأن الاشتغال في وقتها أكثر والمبادرة إلى الحوائج فيها أعم، ولأن القلوب أخلى من الفكر لقلة معاملات الناس بالليل ولقلة الاخذ والاعطاء فالانسان فيها أقبل على صلاته منه في غيرها الصلوات، لأن الفكر أقل لعدم العمل من الليل.
فإن قال: فلم جعلت التكبير في الاستفتاح سبع تكبيرات؟ قيل إنما جعل ذلك لأن التكبير في الركعة الأولى التي هي الأصل سبع تكبيرات تكبيرة الاستفتاح وتكبيرة الركوع وتكبيرتان للسجود وتكبيرة أيضا للركوع وتكبيرتان للسجود فإذا كبر الانسان أول الصلاة سبع تكبيرات فقد أحرز التكبير كله فإن سهى في شئ منها أو تركها يدخل عليه نقص في صلاته.
فإن قال: فلم جعل ركعة وسجدتين؟ قيل: لأن الركوع من فعل القيام، والسجود فعل القعود وصلاة القاعد على النصف من صلاة القائم، فضوعف السجود ليستوي بالركوع فلا يكون بينهما تفاوت، لأن الصلاة إنما هي ركوع وسجود.
فإن قال: فلم جعل التشهد بعد الركعتين؟ قيل: لأنه كما تقدم قبل الركوع والسجود الاذان والدعاء والقراءة فكذلك أيضا أمر بعدها التشهد والتحميد والدعاء.
فإن قال: فلم جعل التسليم تحليل الصلاة ولم يجعل بدله تكبيرا أو تسبيحا أو ضربا آخر؟ قيل: لأنه لما كان في الدخول في الصلاة تحريم الكلام للمخلوقين والتوجه إلى الخالق كان تحليلها كلام المخلوقين والانتقال عنها وابتداء المخلوقين في الكلام إنما هو بالتسليم.
فإن قال: فلم جعل القراءة في الركعتين الأوليين والتسبيح في