نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع) - ج ٢ - الصفحة ٣٨
وآثارها كآثار السلام. تتوارثها الظلمة بالعهود. أولهم قائد لآخرهم وآخرهم مقتد بأولهم. يتنافسون في دنيا دنية. ويتكالبون على جيفة مريحة (1) عن قليل يتبرأ التابع من المتبوع، والقائد من المقود. فيتزايلون بالبغضاء (2)، ويتلاعنون عند اللقاء. ثم يأتي بعد ذلك طالع الفتنة الرجوف (3)، والقاصمة الزحوف. فتزيغ قلوب بعد استقامة، وتضل رجال بعد سلامة. وتختلف الأهواء عند هجومها، وتلتبس الآراء عند نجومها (4). من أشرف لها قصمته ومن سعى فيها حطمته. يتكادمون فيها تكادم الحمر في العانة (5).
قد اضطرب معقود الحبل، وعمي وجه الأمر. تغيض فيها الحكمة (6)، وتنطق فيها الظلمة. وتدق أهل البدو بمسحلها (7)، وترضهم بكلكلها. يضيع في غبارها الوحدان (8)، ويهلك في طريقها
____________________
كل شئ أوله أي بداياتها في عنفوان وشدة كشباب الغلام وفتوته. والسلام بكسر السين الحجارة. وآثارها في الأبدان الرض والحطم (1) أراح اللحم:
أنتن (2) يتزايلون: يتفارقون (3) شديدة الرجفان والاضطراب، أو شديد إرجافها وزلزالها للناس. والقاصمة: الكاسرة. والزحوف: الشديدة الزحف (4) ظهورها (5) يتكادمون يعض بعضهم بعضا كما تكون الحمر في العانة أي الجماعة منها وهي خاصة بحمر الوحش (6) تغيض بالغين المعجمة تنقص وتغور (7) المسحل كمنبر المبرد أو المنحت. والمراد بالدق التفتيت، والرض التهشيم. والكلكل الصدر (8) جمع واحد
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»
الفهرست