كتبه المولدون. أو قلدهم فيه المتأخرون. ولم يراعوا في تحريره إلا رقة الكلمات، وتوافق الجناسات. وانسجام السجعات. وما يشبه ذلك من المحسنات اللفظية والتي وسموها بالفنون البديعة. وإن كانت العبارات خلوا من المعاني الجليلة، أو فائدة الأساليب الرفيعة.
على أن هذا النوع من الكلام بعض ما في اللسان العربي وليس كل ما فيه، بل هذا النوع إذا نفرد يعد من أدنى طبقات القول، وليس في حلاه المنوطة بأواخر ألفاظه ما يرفعه إلى درجة الوسط. فلو أنهم عدلوا إلى مدارسة ما جاء عن أهل اللسان، خصوصا أهل الطبقة العليا منهم لأحرزوا من بغيتهم ما امتدت إليه أعناقهم، واستعدت لقبوله أعراقهم. وليس في أهل هذه اللغة إلا قائل بأن كلام الإمام علي بن أبي طالب هو أشرف الكلام وأبلغه بعد كلام الله تعالى وكلام نبيه صلى الله عليه وآله - وأغزره مادة وأرفعه أسلوبا وأجمعه لجلائل المعاني.
فأجدر بالطالبين لنفائس اللغة، والطامعين في التدرج لمراقيها أن يجعلوا هذا الكتاب أهم محفوظهم، وأفضل مأثورهم، مع تفهم معانيه في الأغراض التي جاءت لأجلها وتأمل ألفاظه في المعاني التي صيغت للدلالة عليها. ليصيبوا بذلك أفضل غاية وينتهوا إلى خير نهاية، وأسأل الله نجاح عملي وأعمالهم. وتحقيق أملي وآمالهم.
ولنقدم للمطالع موجزا من القول في نسب الشريف الرضي جامع الكتاب، وطرفا من خبره. فهو أبو الحسن محمد بن أبي أحمد الحسين بن موسى بن محمد بن موسى ابن إبراهيم بن موسى بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين ابن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه. وأمه فاطمة بنت الحسين بن الحسن الناصر صاحب الديلم ابن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين علي بن أبي طالب رضي الله عنه. ولد الشريف الرضي في سنة تسع وخمسين وثلاثمائة. واشتغل بالعلم ففاق في الفقه والفرائض وبذ أهل زمانه في العلم والأدب.
قال صاحب اليتيمة هو اليوم أبدع أبناء الزمان وأنجب سادات العراق، يتحلى مع محتده الشريف ومفخره المنيف بأدب ظاهر، وفضل باهر، وحظ من جميع