____________________
أسرع بكم مسترحلكم وأنتم لا تشعرون (1) الاستعداد للموت إعداد العدة له أو طلب العدة، للقائه، ولا عدة له إلا الأعمال الصالحة. وقوله فقد أظلكم: أي قرب منكم حتى كأن له ظلا قد ألقاه عليكم (2) أي كونوا قوما حذرين إذا استنامتهم الغفلة وقتا ما ثم صاح بهم صائح الموعظة انتبهوا من نومهم وهبوا لطلب نجاتهم. وقوله وعلموا أي آخره أي عرفوا الدنيا وأنها ليست بدار بقاء وقرار فاستبدلوها بدار الآخرة وهي الدار التي ينتقل إليها (3) تعالى الله أن يفعل شيئا عبثا، وقد خلق الإنسان وآتاه قوة العقل التي تصغر عندها كل لذة دنيوية ولا تقف رغائبها عند حد منها مهما علت رتبته فكأنها مفطورة على استصغار كل ما تلاقيه في هذه الحياة وطلب غاية أعلى مما يمكن أن ينال فيها، فهذا الباعث الفطري لم يوجده الله تعالى عبثا بل هو الدليل الوجداني المرشد إلى ما وراء هذه الحياة وسدى. أي مهملين بلا راع يزجركم عما يضركم ويسوقكم إلى ما ينفعكم. ورعاتنا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وخلفاؤهم (4) أن ينزل به في محل الرفع بدل من الموت أي ليس بين الواحد منا وبين الجنة إلا نزول الموت به إن كان قد أعد لها عدتها، ولا بينه وبين النار إلا نزول الموت به إن كان قد عمل بعمل أهلها، فما بعد هذه الحياة إلا الحياة الأخرى وهي إما شقاء وإما نعيم (5) تلك الغاية هي الأجل، وتنقصها أي تنقص أمد الانتهاء إليها، وكل لحظة تمر فهي نقص في الأمد بيننا وبين الأجل والساعة تهدم ركنا من ذلك الأمد وما كان كذلك فهو جدير بقصر المدة (6) ذلك الغائب هو الموت، ويحدوه يسوقه، الجديدان الليل