هديه الله صلى الله عليه وسلم في العبادات كلها، ومنها (الجنائز) بسبب انصرافهم عن دراسة العلم، ولا سيما علم الحديث والسنة، وانكبابهم على العلوم المادية، والعمل لجمع المال، فقد طلب مني بعض الأعزاء بمناسبة وفاة إحدى قريباته يوم الجمعة الواقع في 11 ربيع الآخر سنة 51373، أن أضع رسالة مختصرة في " آداب الجنائز في الاسلام "، ليقوم هو أو غيره بطبعها وتوزيعها على المجتمعين للتعزية في أيامها المعتادة عند هم، مغتنما فرصة اجتماعهم لتعريفهم بسنة نبيهم حتى يستنوا بها، ويهتدوا بهديها ويستنيروا بنورها. ومع أنني كنت قد باشرت تأليف بعض المصنفات الأخرى، فقد وعدته خيرا، لما في ذلك من التعاون على إحياء السنة، وإماتة البدعة، فسارعت إلى تحقيق رغبته، وإنجاز طلبته. ولكني ما كدت أشرع في ذلك، حتى تبين لي أن الامر أبعد من أن يتحقق بتلك السرعة، وأوسع من أن يجمع في رسالة توزع على الناس في مثل تلك المناسبة، ذلك لان آداب الجنائز وأحكامها كثيرة جدا، وقسم كبير منها مما اختلفت فيه أقوال العلماء، وتضاربت حوله الآراء، فمنهم من يحرم شيئا، والآخر يبيحه، ومنهم من يوجب شيئا، والآخر لا يجيزه، ومنهم
(مقدمة المؤلف ٧)