حاشية رد المحتار - ابن عابدين - ج ٦ - الصفحة ٥٩٩
عليه ببعضه، والجواب فيه كالأول. إتقاني. قوله: (بيضاء) أي لا نبات فيها. قوله: (مدة معلومة) وبدونها بالأولى. قوله: (وتكون الأرض والشجر بينهما) قيد به، إذا لو شرط أن يكون هذا الشجر بينهما فقط صح.
مطلب: يشترط في بيان المدة قال في الخانية: دفع إليه أرضا مدة معلومة على أن يغرس فيها غراسا على أن ما تحصل من الاغراس والثمار يكون بينهما جاز اه‍، ومثله في كثير من الكتب، وتصريحهم بضرب المدة صريح في فسادها بعدمه. ووجهه أنه ليس لادراكها مدة معلومة، كما قالوا فيما لو دفع غراسا لم تبلغ الثمرة على أن يصلحها خيرية من الوقف والمساقاة، ومثله في الحامدية والمرادية، وهكذا حققه الرملي في الحاشية، وهذه تسمى مناصبة ويفعلونها في زماننا بلا بيان مدة، وقد علمت فسادها، قال الرملي: وإذا فسدت لعدم المدة ينبغي أن يكون الثمر والغرس لرب الأرض وللآخر قيمة الغرس وأجرة المثل، كما لو فسدت باشتراط بعض الأرض لتساويهما في العلة وهي واقعة الفتوى اه‍.
أقول: وفي الذخيرة: وإذا انقضت المدة يخير رب الأرض، إن شاء غرم نصف قيمة الشجرة ويملكها وإن شاء قلعها اه‍. وبيان ذلك فيها في الفصل الخامس، فراجعها.
هذا، وفي التاترخانية والذخيرة: دفع إلى ابن له أرضا ليغرس فيها أغراسا على أن الخارج بينهما نصفان ولم يؤقت له وقتا فغرس فيها ثم مات الدافع عنه وعن ورثة سواه فأراد الورثة أن يكلفوه قلع الأشجار كلها ليقسموا الأرض: فإن كانت الأرض تحتمل القسمة قسمت، وما وقع في نصيب غيره كلف قلعه وتسوية الأرض ما لم يصطلحوا، وإن لم تحتمل يؤمر الغارس بقلع الكل ما لم يصطلحوا اه‍.
فهذا كالصريح في أن المناصبة تفسد بلا بيان المدة كما فهمه الرملي من تقييدهم بالمدة، إذ لو صحت لكان الغراس مناصفة كما شرطا، لكنه يفيد أنه حيث فسدت فالغراس للغارس لا للدافع، وهو خلاف ما بحثه الرملي، فليتأمل.
ويمكن ادعاء الفرق بين هذا وبين ما إذا فسدت باشتراط نصف الأرض، ويظهر ذلك مما عللوا به الفساد، فإنهم عللوا له بثلاثة أوجه: منها كما في النهاية أنه جعل نصف الأرض عوضا عن جميع الغراس ونصف الخارج عوضا لعمله فصار العامل مشتريا نصف الأرض بالغراس المجهول فيفسد العقد، فإذا زرعه في الأرض بأمر صاحبها فكأن صاحبها فعل ذلك بنفسه فيصير قابضا ومستهلكا بالعلوق فيجب عليه قيمته وأجر المثل اه‍. ولا يتأتى ذلك في مسألتنا، بل هو في معنى استئجار الأرض بنصف الخارج، وإذا فسد العقد لعدم المدة يبقى الغراس للغارس، ونظيره ما مر في المزارعة أنها إذا فسدت فالخارج لرب البذر، ولا يخفى أن الغرس كالبذر، وينبغي لزوم أجر مثل الأرض كما في المزارعة، هذا ما ظهر لي، والله تعالى أعلم. قوله: (لاشتراط الشركة إلخ) هذا ثاني الأوجه التي عللوا بها الفساد، وعليه اقتصر في الهداية وقال: إنه أصحها. قال في العناية: لأنه نظير من استأجر صباغا ليصبغ ثوبه بصبغ نفسه على أن يكون نصف المصبوغ للصباغ، فإن الغراس آلة تجعل الأرض بها بستانا كالصبغ للثوب، فإذا فسدت الإجارة بقيت الآلة متصلة بملك صاحب الأرض وهي متقومة
(٥٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 594 595 596 597 598 599 600 601 602 603 604 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الشهادات 3
2 باب القبول وعدمه 15
3 باب الاختلاف في الشهادة 37
4 باب الشهادة على الشهادة 44
5 باب الرجوع عن الشهادة 50
6 كتاب الوكالة 56
7 باب الوكالة بالبيع والشراء 63
8 باب الوكالة بالخصومة والقبض 78
9 باب عزل الوكيل 86
10 كتاب الدعوى 92
11 باب التحالف 111
12 باب دعوى الرجلين 123
13 باب دعوى النسب 135
14 كتاب الاقرار 144
15 باب الاستثناء وما معناه 162
16 باب إقرار المريض 167
17 فصل في مسائل شتى 179
18 كتاب الصلح 188
19 كتاب المضاربة 208
20 باب المضارب يضارب 215
21 كتاب الايداع 227
22 كتاب العارية 243
23 كتاب الهبة 255
24 باب الرجوع في الهبة 268
25 كتاب الإجارة 283
26 باب ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافا فيها أي في الإجارة 309
27 باب الإجارة الفاسدة 328
28 باب ضمان الأجير 348
29 باب فسخ الإجارة 362
30 مسائل شتى 375
31 كتاب المكاتب 386
32 باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله 391
33 باب كتاب العبد المشترك 400
34 باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى 402
35 كتاب الولاء 410
36 كتاب الاكراه 420
37 كتاب الحجر 436
38 كتاب المأذون 450
39 كتاب الغصب 475
40 كتاب الغصب 475
41 كتاب الشفعة 518
42 باب طلب الشفعة 526
43 باب ما تثبت هي فيه أو لا تثبت 540
44 باب ما يبطلها 544
45 كتاب القسمة 559
46 كتاب المزارعة 582
47 كتاب الذبائح 604
48 كتاب الأضحية 624
49 كتاب الحظر والإباحة 651
50 باب الاستبراء وغيره 691
51 كتاب إحياء الموات 754