أقول: وبعد التقييد بالحيثية المذكورة لا ينافيه ما في المبسوط (1) حيث قال: بناء بين رجلين في أرض رجل قد بنياه بإذنه ثم أرادا قسمته وصاحب الأرض غائب فلهما ذلك بالتراضي، وإن امتنع أحدهما لم يجبر عليه اه. ونظمه ابن وهبان. تأمل. قوله: (وقالا يقسم) أي العقار المدعى إرثه باعترافهم كما يقسم في الصور الأخر، وهي النقلي مطلقا والعقار المدعى شراؤه أو ملكيته المطلقة. لهما أه في أيديهم، وهو دليل الملك ولا منازع لهم. وله أن التركة قبل القسمة مبقاة على ملك الميت بدليل ثبوت حقه في الزوائد كأولاد ملكه وأرباحه حتى تقضى منها ديونه وتنفذ وصاياه، وبالقسمة ينقطع حقه عنها فكانت قضاء عليه بإقرارهم، وهو حجة قاصرة فلا بد من البينة، بخلاف المنقول لأنه يخشى عليه التلف والعقار محصن، وبخلاف العقار المشترى لأنه زال عن ملك البائع قبل القسمة فلم تكن القسمة على الغير، وبخلاف المدعى ملكيته المطلقة لأنهم لم يقروا بالملكية لغيرهم، هذا حاصل ما في الدرر وشرح المجمع. قوله: (ولا إن برهنا) عطف على قوله لا يقسم قال العيني تبعا لزيلعي: وهذه المسألة بعينها هي المسألة السابقة وهي قوله أو ملكه مطلقا، لان المراد فيها أن يدعوا الملك ولم يذكروا كيف انتقل إليهم ولم يشترط فيها إقامة البينة على أنه ملكهم وهو رواية القدوري، وشرط ها هنا وهو رواية الجامع الصغير، فإن كان قصد الشيخ تعيين الروايتين فليس فيه ما يدل على ذلك، وإلا فتقع المسألة مكررة اه. وأجاب المقدسي بحمل ما في الجامع على ما إذا ذكر أنه بأيديهما فقط وبرهنا عليه فلا يكون من اختلاف الروايتين لاختلاف الموضوع فلا تكرار اه.
أقول: وهو الظاهر من قول الهداية. وفي الجامع الصغير: أرض ادعاها رجلان وأقاما البينة أنها في أيديهما لم تقسم حتى يبرهنا أنها لهما لاحتمال أن تكون لغيرهما: أي بوديعة أو بإجارة أو إعارة كما قال الشارح، وهكذا قرره في العزمية، فافهم. قوله: (اتفاقا في الأصح) قال في الهداية بعد ما نقلناه آنفا: ثم قيل هو قول أبي حنيفة خاصة، وقيل قول الكل وهو الأصح، لان قسمة الحفظ في العقار غير محتاج إليها وقسمة الملك تفتقر إلى قيامه ولا ملك فامتنع الجواز. قوله: (فتكون قسمة حفظ إلخ) وهي ما تكون بحق إليه لأجل الحفظ والصيانة كقسمة المودعين الوديعة بينهما للحفظ، وقسمة الملك ما تكون بحق الملك لتكميل المنفعة كما في غاية البيان. قوله: (ولو برهنا) أي برهن بالغان حاضران فيكون الصغير أو الغائب ثالثهما فصار الورثة متعددين، فلذا أتى بضمير الجمع في قوله فيهم وبينهم، وأتى به مثنى في قول معهما: أي مع اللذين برهنا مخالفا لما في الهداية لما سيذكره أنه لو كان مع الصغير أو الغائب شئ منه لا يقسم، وإن أجيب عن الهداية بأنه مبني على أن أقل الجمع اثنان.