كل دين دون العين. وأما خاصة بعين فتصح لنفي الضمان لا الدعوى فيدعي بها على المخاطب وغيره، وإن كان عن دعواها فهو صحيح. ثم إن الابراء لشخص مجهول لا يصح، وإن لمعلوم صح ولو بمجهول، فقوله قبضت تركة مورثي كلها أو كل من لي عليه شئ أو دين فهو برئ ليس إبراء عاما ولا خاصا، بل هو إقرار مجرد لا يمنع من الدعوى لما في المحيط قال: لا دين لي على أحد ثم ادعى على رجل دينا صح لاحتمال وجوبه بعد الاقرار، وفيه أيضا: وقوله هو برئ مما لي عنده إخبار عن ثبوت البراءة لا إنشاء. وفي الخلاصة: لا حق لي قبله فيدخل فيه كل عين ودين وكفالة وإجارة وجناية وحد ا ه. وفي الأصل: فلا يدعي إرثا ولا كفالة نفس أو مال ولا دينا أو مضاربة أو شركة أو وديعة أو ميراثا أو دارا أو عبدا أو شيئا إلا شيئا حادثا بعد البراءة ا ه. فما في شرح المنظومة (1) عن المحيط: أبرأ أحد الورثة الباقي ثم ادعى التركة وأنكر وإلا تسمع دعواه، وإن أقروا بالتركة أمروا بالرد عليه اه. ظاهر فيما إذا لم تكن البراءة عامة لما علمته، ولما سنذكر أنه لو أبرأه عاما ثم أقر بعده بالمال المبرأ به لا يعود بعد سقوطه. وفي العمادية: قال ذو اليد: ليس هذا لي وليس ملكي أو لا حق لي فيه أو نحو ذلك ولا منازع له حينئذ، ثم ادعاه أحد فقال ذو اليد هو لي فالقول له، لان الاقرار لمجهول باطل، والتناقض إنما يمنع إذا تضمن إبطال حق على أحد اه. ومثله في الفيض وخزانة المفتين، فبهذا علمت الفرق بين أبرأتك أو لا حق لي قبلك وبين قبضت تركة مورثي أو كل من لي عليه دين، فهو برئ ولم يخاطب معينا، وعلمت بطلان فتوى بعض أهل زماننا بأن إبراء الوارث وارثا آخر إبراء عاما لا يمنع من دعوى شئ من التركة، وأما عبارة البزازية: أي التي قدمناها فأصلها معزو إلى المحيط، وفيه نظر ظاهر. ومع ذلك لم يقيد الابراء بكونه لمعين أو لا، وقد علمت اختلاف الحكم في ذلك ثم إن كان المراد به اجتماع الصلح المذكور في المتون والشروح في مسألة التخارج مع البراءة العامة لمعين فلا يصح أن يقال فيه لا رواية فيه، كيف وقد قال قاضيخان: اتفقت الروايات على أنه لا تسمع الدعوى بعده إلا في حادث، وإن كان المراد به الصلح والابراء بنحو قوله: قبضت تركة مورثي ولم يبق لي فيها حق إلا استوفيته، فلا يصح قوله لا رواية فيه أيضا لما قدمناه من النصوص على صحة دعواه بعده، واتفقت الروايات على صحة دعوى ذي اليد المقر بأن لا ملك له في هذا العين عند عدم المنازع. والذي يتراءى أن المراد من تلك العبارة الابراء لغير معين مع ما فيه، ولو سلمنا أن المراد به المعين وقطعنا النظر عن اتفاق الروايات على منعه من الدعوى بعده فهو مباين لما في المحيط عن المبسوط والأصل والجامع الكبير ومشهور الفتاوى المعتمدة كالخانية والخلاصة، فيقدم ما فيها ولا يعدل عنها إليه، وأما ما في الأشباه والبحر عن القنية: افترق الزوجان وأبرأ كل صاحبه عن جميع الدعاوي وللزوج أعيان قائمة لا تبرأ المرأة منها وله الدعوى، لان الابراء إنما ينصرف إلى الديون لا الأعيان اه. فمحمول على حصوله بصيغة خاصة كقوله أبرأتها عن جميع الدعاوي مما لي عليها فيختص بالديون فقط كونه مقيدا بما لي عليها ويؤيده التعليل، ولو بقي على
(١٨٣)