كان هذا غير ما أوصى به فلا يجوز بخلاف الحج والأضحية فان المصرف ثمة هو الله عز شأنه فسواء كان قيمة الشاة أقل أو مثل ما أوصى به يكون المصرف والمقصود بالكل واحد وهو القربة وذلك حاصل فيجوز (ومنها) أن وجوبها نسخ كل دم كان قبلها من العقيقة والرجبية والعتيرة كذا حكى أبو بكر الكيساني عن محمد رحمه الله أنه قال قد كانت في الجاهلية ذبائح يذبحونها (منها) العقيقة كانت في الجاهلية ثم فعلها المسلمون في أول الاسلام فنسخها ذبح الأضحية فمن شاء فعل ومن شاء لم يفعل (ومنها) شاة كانوا يذبحونها في رجب تدعى الرجبية كان أهل البيت يذبحون الشاة فيأكلون ويطبخون ويطعمون فنسخها ذبح الأضحية (ومنها) العتيرة كان الرجل إذا ولدت له الناقة أو الشاة ذبح أول ولد تلده فاكل وأطعم قال محمد رحمه الله هذا كله كان يفعل في الجاهلية فنسخه ذبح الأضحية وقيل في تفسير العتيرة كان الرجل من العرب إذا نذر نذرا أنه إذا كان كذا أو بلغ شاة كذا فعليه أن يذبح من كل عشر منها كذا في رجب والعقيقة الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه وإنما عرفنا انتساخ هذه الدماء بما روى عن سيدتنا عائشة رضي الله عنه ا انها قالت نسخ صوم رمضان كل صوم كان قبله ونسخت الأضحية كل ذبح كان قبلها ونسخ غسل الجنابة كل غسل كان قبله والظاهر أنها قالت ذلك سماعا من رسول الله صلى الله عليه وسلم لان انتساخ الحكم مما لا يدرك بالاجتهاد ومنهم من روى هذا الحديث مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونسخت الزكاة كل صدقة كانت قبلها وكذا قال أهل التأويل في قوله عز شأنه أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ان ما أمروا به من تقديم الصدقة على النجوى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نسخ بقوله جل شأنه وآتوا الزكاة وذكر محمد رحمه الله في العقيقة فمن شاء فعل ومن شاء لم يفعل وهذا يشير إلى الإباحة فيمنع كونه سنة وذكر في الجامع الصغير ولا يعق عن الغلام ولا عن الجارية وانه إشارة إلى الكراهة لان العقيقة كانت فضلا ومتى نسخ الفضل لا يبقى الا الكراهة بخلاف الصوم والصدقة فإنهما كانا من الفرائض لا من الفضائل فإذا نسخت منهما الفرضية يجوز التنفل بهما وقال الشافعي رحمه الله العقيقة سنة عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة واحتج بما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين رضي الله عنهما كبشا كبشا وانا نقول إنها كانت ثم نسخت بدم الأضحية بحديث سيدتنا عائشة رضي الله عنها وكذا روى عن سيدنا علي رضي الله عنه أنه قال نسخت الأضحية كل دم كان قبلها والعقيقة كانت قبلها كالعتيرة وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن العقيقة فقال إن الله تعالى لا يحب العقوق من شاء فليعق عن الغلام شاتين وعن الجارية شاة وهذا ينفى كون العقيقة سنة لأنه عليه الصلاة والسلام علق العق بالمشيئة وهذا امارة الإباحة والله عز شأنه أعلم.
(فصل) وأما محل إقامة الواجب فهذا الفصل يشتمل على بيان جنس المحل الذي يقام منه الواجب ونوعه وجنسه وسنه وقدره وصفته أما جنسه فهو أن يكون من الأجناس الثلاثة الغنم أو الإبل أو البقر ويدخل في كل جنس نوعه والذكر والأنثى منه والخصي والفحل لانطلاق اسم الجنس على ذلك والمعز نوع من الغنم والجاموس نوع من البقر بدليل أنه يضم ذلك إلى الغنم والبقر في باب الزكاة ولا يجوز في الأضاحي شئ من الوحش لان وجوبها عرف بالشرع والشرع لم يرد بالايجاب الا في المستأنس فإن كان متولدا من الوحشي والإنسي فالعبرة بالأم فإن كانت أهلية يجوز والا فلا حتى أن البقرة الأهلية إذا نزا عليها ثور وحشي فولدت ولدا فإنه يجوز أن يضحى به وإن كانت البقرة وحشية والثور أهليا لم يجز لان الأصل في الولد الام لأنه ينفصل عن الام وهو حيوان متقوم تتعلق به الأحكام وليس ينفصل من الأب الا ماء مهين لا حضر له ولا يتعلق به حكم ولهذا يتبع الولد الام في الرق والحرية الا أنه يضاف إلى الأب في بني آدم تشريفا للولد وصيانة له عن الضياع والا فالأصل أن يكون مضافا إلى الام وقيل إذا نزا ظبي على شاة أهلية فان ولدت شاة تجوز التضحية بها وان ولدت ظبيا لا تجوز وقيل إن ولدت الرمكة من حمار وحشي حمارا لا يؤكل وان ولدت فرسا فحكمه حكم الفرس وان ضحى بظبية وحشية ألفت أو ببقرة وحشية ألفت لم يجز لأنها