النكاح والمولود بين كتابي وغير كتابي تؤكل ذبيحته أيهما كان الكتابي الأب أو الام عندنا وقال مالك يعتبر الأب فإن كان كتابيا تؤكل والا فلا وقال الشافعي لا تؤكل ذبيحته رأسا والصحيح قولنا لان جعل الوليد تبعا للكتابي منهما أولى لأنه خيرهما دينا بالنسبة فكان باتباعه إياه أولى وأما الصابئون فتؤكل ذبائحهم في قول أبي حنيفة رضي الله عنه وعند أبي يوسف ومحمد لا تؤكل واختلاف الجواف لاختلاف تفسيرهم في الصابئين انهم ممن هم وقد ذكرنا ذلك في كتاب النكاح ثم إنما تؤكل ذبيحة الكتابي إذا لم يشهد ذبحه ولم يسمع منه شئ أو سمع وشهد منه تسمية الله تعالى وحده لأنه إذا لم يسمع منه شيئا يحمل على أنه قد سمى الله تبارك وتعالى وجرد التسمية تحسينا للظن به كما بالمسلم ولو سمع منه ذكر اسم الله تعالى لكنه عنى بالله عز وجل المسيح عليه الصلاة والسلام قالوا تؤكل لأنه أظهر تسمية هي تسمية المسلمين الا إذا نص فقال بسم الله هو ثالث ثلاثة فلا تحل وقد روى عن سيدنا علي رضي الله عنه انه سئل عن ذبائح أهل الكتاب وهم يقولون فقال رضي الله عنه قد أحل الله ذبائحهم وهو يعلم ما يقولون فاما إذا سمع منه أنه سمى المسيح عليه الصلاة والسلام وحده أو سمى الله سبحانه وتعالى وسمى المسيح لا تؤكل ذبيحته كذا روى سيدنا علي رضي الله عنه ولم يرو عنه غيره خلافه فيكون اجماعا ولقوله عز وجل وما أهل لغير الله وهذا أهل لغير الله عز وجل به فلا يؤكل ومن أكلت ذبيحته ممن ذكرنا أكل صيده الذي صاده بالسهم أو بالجوارح ومن لا فلا لان أهلية المذكى شرط في نوعي الذكاة الاختيارية والاضطرارية جميعا (ومنها) التسمية حالة الذكر عندنا وعند الشافعي ليست بشرط أصلا وقال مالك رحمه الله انها شرط حالة الذكر والسهو حتى لا يحل متروك التسمية ناسيا عنده والمسألة مختلفة بين الصحابة رضى الله تعالى عنهم أما الكلام مع الشافعي رحمه الله فإنه احتج بقوله تبارك وتعالى قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه الا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير أمر النبي عليه الصلاة والسلام أن يقول إنه لا يجد فيما أوحى إليه محرما سوى الأشياء الثلاثة ومتروك التسمية لم يدخل فيها فلا يكون محرما ولا يقال يحتمل انه لم يكن المحرم وقت نزول الآية الكريمة سوى المذكور فيها ثم حرم بعد ذلك متروك التسمية بقوله عز وجل ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه لأنه قيل إن سورة الأنعام نزلت جملة واحدة ولو كان متروك التسمية محرما لكان واجدا له فيجب ان يستثنيه كما استثنى الأشياء الثلاثة (ولنا) قوله عز وجل ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وانه لفسق والاستدلال بالآية من وجهين أحدهما ان مطلق النهى للتحريم في حق العمل والثاني انه سمى اكل ما لم يذكر اسم الله عليه فسقا بقوله عز وجل وانه لفسق ولا فسق الا بارتكاب المحرم ولا تحمل الا على الميتة وذبائح أهل الشرك بقول بعض أهل التأويل في سبب نزول الآية الكريمة لان العام لا يخص بالسبب عندنا بل يعمل بعموم اللفظ لما عرف في أصول الفقه مع ما ان الحمل على ذلك حمل على التكرار لان حرمة الميتة وذبائح أهل الشرك ثبتت بنصوص أخر وهي قوله عز وجل حرمت عليكم الميتة وقوله عز وجل وما أهل لغير الله به وقوله عز وجل وما ذبح على النصب فالحمل على ما قاله يكون حملا على ما قلنا ويكون حملا على فائدة جديدة فكان أولى وقوله عز وجل فاذكروا اسم الله عليها صواف ومطلق الامر للوجوب في حق العمل ولو لم يكن شرطا لما وجب وروى الشعبي عن عدى بن حاتم رضي الله عنهما قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيد الكلب فقال ما أمسك عليك ولم يأكل منه فكله فأن اخذه ذكاته فان وجدت عند كلبك غيره فحسبت أن يكون أخذه معه وقد قتله فلا تأكل لأنك إنما ذكرت اسم الله تعالى على كلبك ولم تذكره على كلب غيرك نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن الاكل وعلل بترك التسمية فدل انها شرط (وأما) الآية الكريمة ففيها انه كان يجد وقت نزول الآية الشريفة محرما سوى المذكور فيها فاحتمل انه كان كذلك وقت نزول الآية الشريفة وجد تحريم متروك التسمية بعد ذلك لما تلونا كما كان لا يجد تحريم كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير وتحريم الحمار والبغل عند نزولها ثم وجد بعد ذلك بوحي متلو أو غير متلو على ما ذكرنا (وأما) ما يروى أن سورة الأنعام نزلت كلها جملة واحدة فمروى على طريق الآحاد فلا يقبل
(٤٦)