بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٤٦
النكاح والمولود بين كتابي وغير كتابي تؤكل ذبيحته أيهما كان الكتابي الأب أو الام عندنا وقال مالك يعتبر الأب فإن كان كتابيا تؤكل والا فلا وقال الشافعي لا تؤكل ذبيحته رأسا والصحيح قولنا لان جعل الوليد تبعا للكتابي منهما أولى لأنه خيرهما دينا بالنسبة فكان باتباعه إياه أولى وأما الصابئون فتؤكل ذبائحهم في قول أبي حنيفة رضي الله عنه وعند أبي يوسف ومحمد لا تؤكل واختلاف الجواف لاختلاف تفسيرهم في الصابئين انهم ممن هم وقد ذكرنا ذلك في كتاب النكاح ثم إنما تؤكل ذبيحة الكتابي إذا لم يشهد ذبحه ولم يسمع منه شئ أو سمع وشهد منه تسمية الله تعالى وحده لأنه إذا لم يسمع منه شيئا يحمل على أنه قد سمى الله تبارك وتعالى وجرد التسمية تحسينا للظن به كما بالمسلم ولو سمع منه ذكر اسم الله تعالى لكنه عنى بالله عز وجل المسيح عليه الصلاة والسلام قالوا تؤكل لأنه أظهر تسمية هي تسمية المسلمين الا إذا نص فقال بسم الله هو ثالث ثلاثة فلا تحل وقد روى عن سيدنا علي رضي الله عنه انه سئل عن ذبائح أهل الكتاب وهم يقولون فقال رضي الله عنه قد أحل الله ذبائحهم وهو يعلم ما يقولون فاما إذا سمع منه أنه سمى المسيح عليه الصلاة والسلام وحده أو سمى الله سبحانه وتعالى وسمى المسيح لا تؤكل ذبيحته كذا روى سيدنا علي رضي الله عنه ولم يرو عنه غيره خلافه فيكون اجماعا ولقوله عز وجل وما أهل لغير الله وهذا أهل لغير الله عز وجل به فلا يؤكل ومن أكلت ذبيحته ممن ذكرنا أكل صيده الذي صاده بالسهم أو بالجوارح ومن لا فلا لان أهلية المذكى شرط في نوعي الذكاة الاختيارية والاضطرارية جميعا (ومنها) التسمية حالة الذكر عندنا وعند الشافعي ليست بشرط أصلا وقال مالك رحمه الله انها شرط حالة الذكر والسهو حتى لا يحل متروك التسمية ناسيا عنده والمسألة مختلفة بين الصحابة رضى الله تعالى عنهم أما الكلام مع الشافعي رحمه الله فإنه احتج بقوله تبارك وتعالى قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه الا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير أمر النبي عليه الصلاة والسلام أن يقول إنه لا يجد فيما أوحى إليه محرما سوى الأشياء الثلاثة ومتروك التسمية لم يدخل فيها فلا يكون محرما ولا يقال يحتمل انه لم يكن المحرم وقت نزول الآية الكريمة سوى المذكور فيها ثم حرم بعد ذلك متروك التسمية بقوله عز وجل ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه لأنه قيل إن سورة الأنعام نزلت جملة واحدة ولو كان متروك التسمية محرما لكان واجدا له فيجب ان يستثنيه كما استثنى الأشياء الثلاثة (ولنا) قوله عز وجل ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وانه لفسق والاستدلال بالآية من وجهين أحدهما ان مطلق النهى للتحريم في حق العمل والثاني انه سمى اكل ما لم يذكر اسم الله عليه فسقا بقوله عز وجل وانه لفسق ولا فسق الا بارتكاب المحرم ولا تحمل الا على الميتة وذبائح أهل الشرك بقول بعض أهل التأويل في سبب نزول الآية الكريمة لان العام لا يخص بالسبب عندنا بل يعمل بعموم اللفظ لما عرف في أصول الفقه مع ما ان الحمل على ذلك حمل على التكرار لان حرمة الميتة وذبائح أهل الشرك ثبتت بنصوص أخر وهي قوله عز وجل حرمت عليكم الميتة وقوله عز وجل وما أهل لغير الله به وقوله عز وجل وما ذبح على النصب فالحمل على ما قاله يكون حملا على ما قلنا ويكون حملا على فائدة جديدة فكان أولى وقوله عز وجل فاذكروا اسم الله عليها صواف ومطلق الامر للوجوب في حق العمل ولو لم يكن شرطا لما وجب وروى الشعبي عن عدى بن حاتم رضي الله عنهما قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيد الكلب فقال ما أمسك عليك ولم يأكل منه فكله فأن اخذه ذكاته فان وجدت عند كلبك غيره فحسبت أن يكون أخذه معه وقد قتله فلا تأكل لأنك إنما ذكرت اسم الله تعالى على كلبك ولم تذكره على كلب غيرك نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن الاكل وعلل بترك التسمية فدل انها شرط (وأما) الآية الكريمة ففيها انه كان يجد وقت نزول الآية الشريفة محرما سوى المذكور فيها فاحتمل انه كان كذلك وقت نزول الآية الشريفة وجد تحريم متروك التسمية بعد ذلك لما تلونا كما كان لا يجد تحريم كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير وتحريم الحمار والبغل عند نزولها ثم وجد بعد ذلك بوحي متلو أو غير متلو على ما ذكرنا (وأما) ما يروى أن سورة الأنعام نزلت كلها جملة واحدة فمروى على طريق الآحاد فلا يقبل
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306