فيستدعى تقدم الحياة وهذا لا يعلم في الجنين فالجواب ان تقدم الحياة ليس بشرط لاطلاق اسم الميت قال الله تبارك وتعالى وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم على أنا ان سلمنا ذلك فلا بأس به لأنه يحتمل انه كان حيا فمات بموت الام ويحتمل انه لم يكن فيحرم احتياطا ولأنه أصل في الحياة فيكون له أصل في الذكاة والدليل على أنه أصل في الحياة انه يتصور بقاؤه حيا بعد ذبح الام ولو كان تبعا للام في الحياة لما تصور بقاؤه حيا بعد زوال الحياة عن الام وإذا كان أصلا في الحياة يكون أصلا في الذكاة لان الذكاة تفويت الحياة ولأنه إذا تصور بقاؤه حيا بعد ذبح الام لم يكن ذبح الام سببا لخروج الدم عنه إذ لو كان لما تصور بقاؤه حيا بعد ذبح الام إذ الحيوان الدموي لا يعيش بدون الدم عادة فبقي الدم المسفوح فيه ولهذا إذا جرح يسيل منه الدم وانه حرم بقوله سبحانه وتعالى دما مسفوحا وقوله عز شأنه حرمت عليكم الميتة والدم ولا يمكن التمييز بين لحمه ودمه فيحرم لحمه أيضا وأما الحديث فقد روى بنصب الذكاة الثانية معناه كذكاة أمه إذ التشبيه قد يكون بحرف التشبيه وقد يكون بحذف حرف التشبيه قال الله تعالى وهي تمر مر السحاب وقال عز شأنه ينظرون إليك نظر المغشى عليه من الموت أي كنظر المغشى عليه وهذا حجة عليكم لان تشبيه ذكاة الجنين بذكاة أمه يقتضى استواءهما في الافتقار إلى الذكاة ورواية الرفع تحتمل التشبيه أيضا قال الله سبحانه وتعالى وجنة عرضها السماوات والأرض أي عرضها كعرض السماوات فيكون حجة عليكم ويحتمل الكناية كما قالوا فلا تكون حجة مع الاحتمال مع أنه من أخبار الآحاد ورد فيما تعم به البلوى وانه دليل عدم الثبوت إذ لو كان ثابتا لاشتهر وإذا خرجت من الدجاجة الميتة بيضة تؤكل عندنا سواء اشتد قشرها أو لم يشتد وعند الشافعي رحمه الله ان اشتد قشرها تؤكل والا فلا (وجه) قوله أنه إذا لم يشتد قشرها فهي من أجزاء الميتة فتحرم بتحريم الميتة وإذا اشتد قشرها فقد صار شيئا آخر وهو منفصل عن الدجاجة فيحل (ولنا) انه شئ طاهر في نفسه مودع في الطير منفصل عنه ليس من اجزائه فتحريمها لا يكون تحريما له كما إذا اشتد قشرها ولو ماتت شاة وخرج من ضرعها لبن يؤكل عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف ومحمد لا يؤكل وهو قول الشافعي رحمهم الله جميعا الا ان عند الشافعي لا يؤكل لكونه ميتة وعندهما لا يؤكل لنجاسة الوعاء ولأبي حنيفة عليه الرحمة قوله تبارك وتعالى وان لكم في الانعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين والاستدلال بالآية من وجوه أحدها انه وصفه بكونه خالصا فيقتضى ان لا يشوبه شئ من النجاسة والثاني أنه سبحانه وتعالى وصفه بكونه سائغا للشاربين والحرام لا يسوغ للمسلم والثالث انه سبحانه وتعالى من علينا بذلك إذ الآية خرجت مخرج المنة والمنة بالحلال لا بالحرام وعلى هذا الخلاف الإنفحة إذا كانت مائعة وإن كان ت صلبة فعند أبي حنيفة رحمه الله تؤكل وتستعمل في الأدوية كلها وعندهما يغسل ظاهرها وتؤكل وعند الشافعي لا تؤكل أصلا (وأما) الاضطرارية فركنها العقر وهو الجرح في أي موضع كان وذلك في الصيد وما هو في معنى الصيد وإنما كان كذلك لان الذبح إذا لم يكن مقدورا ولابد من اخراج الدم لإزالة المحرم وتطبيب اللحم وهو الدم المسفوح على ما بينا فيقام سبب الذبح مقامه وهو الجرح على الأصل المعهود في الشرع من إقامة السبب مقام المسبب عند العذر والضرورة كما يقام السفر مقام المشقة والنكاح مقام الوطئ والنوم مضطجعا أو متوركا مقام الحدث ونحو ذلك وكذلك ما ند من الإبل والبقر والغنم بحيث لا يقدر عليها صاحبها لأنها بمعنى الصيد وإن كان مستأنسا وقد روى أن بعيرا ند على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرماه رجل فقتله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لهذه الإبل أوابد كأوابد الوحش فإذا غلبكم منها شئ فاصنعوا به هكذا وسواء ند البعير والبقر في الصحراء أو في المصر فذكاتهما العقر كذا روى عن محمد لأنهما يدفعان عن أنفسهما فلا يقدر عليهما قال محمد والبعير الذي ند على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بالمدينة فدل ان ند البعير في الصحراء والمصر سواء في هذا الحكم (وأما) الشاة فان ندت في الصحراء فذكاتها العقر لأنه لا يقدر عليها وان ندت في المصر لم يجز عقرها لأنه يمكن أخذها إذ هي لا تدفع عن نفسها فكان الذبح مقدورا عليه فلا يجوز العقر وهذا لان العقر خلف من الذبح والقدرة على الأصل تمنع المصير إلى الخلف كما في التراب مع الماء والأشهر
(٤٣)