بقطع الكل (وجه) قول أبى يوسف ان كل واحد من العروق يقصد بقطعه غير ما يقصد به الاخر لان الحلقوم مجرى النفس والمرئ مجرى الطعام والودجين مجرى الدم فإذا قطع أحد الودجين حصل بقطعه المقصود منهما وإذا ترك الحلقوم لم يحصل بقطع ما سواه المقصود منه ولذلك اختلفا ولأبي حنيفة عليه الرحمة انه قطع الأكثر من العروق الأربعة وللأكثر حكم الكل فيما بنى على التوسعة في أصول الشرع والذكاة بنيت على التوسعة حيث يكتفى فيها بالبعض بلا خلاف بين الفقهاء وإنما اختلقوا في الكيفية فيقام الأكثر فيها مقام الجميع ولو ضرب عنق جزور أو بقرة أو شاة بسيفه وابائها وسمى فإن كان ضربها من قبل الحلقوم تؤكل وقد أساء أما حل الاكل فلانه أتى بفعل الذكاة وهو قطع العروق وأما الإساءة فلانه زاد في ألمها زيادة لا يحتاج إليها في الذكاة فيكره ذلك وان ضربها من القفا فان ماتت قبل القطع بأن ضرب على التأني والتوقف لا تؤكل لأنها ماتت قبل الذكاة فكانت ميتة وان قطع العروق قبل موتها تؤكل لوجود فعل الذكاة وهي حية الا أنه يكره ذلك لأنه زاد في ألمها من غير حاجة وان أمضى فعله من غير توقف تؤكل لأن الظاهر أن موتها بالذكاة وعلى هذا يخرج ما إذا ذبح بالمروة أو بليطة القصب أو بشقة العصا أو غيرها من الآلات التي تقطع انه يحل لوجود معنى الذبح وهو فرى الأوداج وجملة الكلام فيه ان الآلة على ضربين آلة تقطع وآلة تفسخ والتي تقطع نوعان حادة وكليلة أما الحادة فيجوز الذبح بها حديدا كانت أو غير حديد والأصل في جواز الذبح بدون الحديد ما روى عن عدى بن حاتم رضي الله عنه أنه قال قلت يا رسول الله أرأيت أحدنا أصاب صيدا وليس معه سكين أيذكى بمروة أو بشقة العصا فقال عليه الصلاة والسلام أنهر الدم بما شئت واذكر اسم الله تعالى وروى أن جارية لكعب بن مالك رضي الله عنه ذبحت شاة بمروة فسأل كعب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأمر بأكلها ولأنه يجوز بالحديد والجواز ليس لكونه من جنس الحديد بل لوجود معنى الحديد بدليل انه لا يجوز بالحديد الذي لا حد له فإذا وجد معنى الحد في المروة والليطة جاز الذبح بهما وأما الكليلة فإن كانت تقطع يجوز لحصول معنى الذبح لكنه يكره لما فيه من زيادة إيلام لا حاجة إليها ولهذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحديد الشفرة وإراحة الذبيحة وكذلك إذا جرح بظفر منزوع أو سن منزوع جاز الذبح بهما ويكره وقال الشافعي رحمه الله لا يجوز واحتج بما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إنهر الدم بما شئت الا ما كان من سن أو ظفر فان الظفر مدى الحبشة والسن عظم من الانسان استثنى عليه الصلاة والسلام الظفر والسن من الإباحة والاستثناء من الإباحة يكون حظرا وعلل علية الصلاة والسلام بكون الظفر مدى الحبشة وكون السن عظم الانسان وهذا خرج مخرج الانكار ولنا انه لما قطع الأوداج فقد وجد الذبح بهما فيجوز كما لو ذبح بالمروة وليطة القصب وأما الحديث فالمراد السن القائم والظفر القائم لان الحبشة إنما كانت تفعل ذلك لاظهار الجلادة وذاك بالقائم لا بالمنزوع والدليل عليه انه روى في بعض الروايات الا ما كان قرضا بسن أو حزا بظفر والقرض إنما يكون بالسن القائم وأما الآلة التي تفسخ فالظفر القائم والسن القائم ولا يجوز الذبح بهما بالاجماع ولو ذبحهما كان ميتة للخبر الذي روينا ولان الظفر والسن إذا لم يكن منفصلا فالذابح يعتمد على الذبيح فيخنق وينفسخ فلا يحل أكله حتى قالوا لو أخذ غيره يده فأمر يده كما امر السكين وهو ساكت يجوز ويحل أكله وعلى هذا يخرج الجنين إذا خرج بعد ذبح أمه ان خرج حيا فذكى يحل وان مات قبل الذبح لا يؤكل بلا خلاف وان خرج ميتا فإن لم يكن كامل الخلق لا يؤكل أيضا في قولهم جميعا لأنه بمعنى المضغة وإن كان كامل الخلق اختلف فيه قال أبو حنيفة رضي الله عنه لا يؤكل وهو قول زفر والحسن بن زياد رحمهم الله وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي رحمهم الله لا بأس بأكله واحتجوا بقول النبي عليه الصلاة والسلام ذكاة الجنين بذكاة أمه فيقتضى انه يتذكى بذكاة أمه ولأنه تبع لامه حقيقة وحكما (أما) الحقيقة فظاهر وأما الحكم فلانه يباع ببيع الام ويعتق بعتقها والحكم في التبع يثبت بعلة الأصل ولا يشترط له علة على حدة لئلا ينقلب التبع أصلا ولأبي حنيفة قوله تعالى حرمت عليكم الميتة والدم والجنين ميتة لأنه لا حياة فيه والميتة ما لا حياة فيه فيدخل تحت النص فان قيل الميتة اسم لزائل الحياة
(٤٢)