بعشرين ثم اشتراه بعشرة صار كأنه اشترى ثوبا وعشرة بعشرة فيكون العشرة بالعشرة ويبقي الثوب خاليا عن العوض في عقد المعاوضة فيتمكن فيه شبهة الربا فلم يبعه مرابحة والله سبحانه وتعالى أعلم ولو اشترى ممن لا تجوز شهادته له كالوالدين والمولودين والزوج والزوجة لم يجز له أن يبعه مرابحة حتى يبين عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد له ذلك من غير بيان ولو اشترى من مكاتبه أو عبده المأذون وعليه دين أو لا دين عليه لم يبعه مرابحة من غير بيان بالاجماع (وجه) قولهما انه لا خلل في الشراء الأول لان ملك كل واحد منهما ممتاز عن ملك صاحبه منفصل عنه فصح الشراء الأول فلا يجب البيان كما إذا اشترى من الأجنبي ولأبي حنيفة رحمه الله ان تهمة المسامحة في الشراء الأول قائمة لان الناس في العادات لا يماكسون في الشراء من هؤلاء فكانت التهمة وهي الشراء بزيادة الثمن قائمة فلا بد من البيان كما في المكاتب والمأذون ولان للشراء من هؤلاء شبهة عدم الصحة لان كل واحد منهما يبيع بمال صاحبه عادة ولهذا لا تقبل شهادة أحدهما لصاحبه لكونها شهادة لنفسه من وجه فكان مال كل واحد منهما بعد البيع والشراء قائما معنى فكان لهذا الشراء شبهة عدم الصحة والشبهة في هذا الباب ملحقة بالحقيقة فتؤثر في المرابحة كما في المكاتب والعبد المأذون ولو اشترى سلعة من رجل بألف درهم ثم اشترى منه من لا تقبل شهادته له بألف درهم وخمسمائة فإنه يبيعه مرابحة على أقل الثمنين وذلك ألف ولا يبيعه مرابحة على ألف وخمسمائة الا ببيان عند أبي حنيفة وعندهما يبيعه مرابحة على ألف وخمسمائة من غير بيان لما ذكرنا وأجمعوا على أنه لو اشترى عبدا بخمسمائة فباعه من المكاتب المديون أو لا دين عليه بألف انه لا يبيعه مرابحة على أكثر الثمنين وكذا لو اشترى المكاتب أو المأذون عبدا بخمسمائة فباعه من المولى بألف لما قلنا ولو اشترى من مضاربه أو اشترى مضاربه منه فإنه يبيعه مرابحة على أقل الثمنين وحصة المضارب من الربح إن كان فيه ربح وان لم يكن ربح يبيعه مرابحة على أقل الثمنين بيان ذلك إذا دفع ألفا مضاربة فاشترى رب المال عبدا بخمسمائة فباعه من المضارب بألف فان المضارب يبيعه مرابحة على خمسمائة لأن جواز بيع رب المال من المضارب والمضارب من رب المال ليس بمقطوع به بل هو محل الاجتهاد فان عند زفر لا يجوز وهو القياس لأنه بيع مال نفسه على نفسه والشراء من الانسان بماله الا انا استحسنا الجواز بالاجتهاد مع احتمال الخطا فكان شبهة عدم الجواز قائمة فتلتحق بالحقيقة في المنع من المرابحة من غير بيان ولأنه يحتمل أن رب المال باعه من المضارب بأكثر من قيمته لكن ساهله المضارب لأنه ما اشتراه بمال نفسه بل بمال رب المال فتمكنت التهمة في هذا البيع فلا يبيعه مرابحة بأوفر الثمنين الا ببيان ولو اشترى المضارب عبدا بألف فباعه من رب المال بألف ومائتين فان لرب المال بيعه مرابحة على ألف ومائة إن كانت المضاربة بالنصف لان المائتين ربح وهي بينهما الا أن حصة رب المال فيها شبهة وتهمة على ما ذكرنا فيطرح ذلك القدر من بيع المرابحة وأما حصة المضارب فلا شبهة فيها ولا تهمة إذ لا حق فيها لرب المال فيبيعه مرابحة على الف ومائة وكذلك لو اشترى رب المال عبدا بألف فباعه من المضارب بمائة باعه المضارب مرابحة على مائة وكذلك لو اشترى المضارب بألف فباعه من رب المال بمائة باعه رب المال مرابحة على مائة وهي أقل الثمنين لأنه لا تهمة في الأقل وفى الأكثر تهمة على ما بينا ولو اشترى رب المال بخمسمائة فباعه من المضارب بألف ومائة باعه المضارب مرابحة على خمسمائة وخمسين لان الخمسمائة أقل الثمنين والخمسون قدر حصة المضارب من الربح فتضم إلى الخمسمائة والله عز وجل أعلم (فصل) وأما حكم الخيانة إذا ظهرت فنقول وبالله التوفيق إذا ظهرت الخيانة في المرابحة لا يخلو اما ان ظهرت في صفة الثمن واما ان ظهرت في قدره فان ظهرت في صفة الثمن بأن اشترى شيئا بنسيئة ثم باعه مرابحة على الثمن الأول ولم يبين أنه اشتراه بنسيئة أو باعه تولية ولم يبين ثم علم المشترى فله الخيار بالاجماع ان شاء أخذه وان شاء رده لان المرابحة عقد بنى على الأمانة لان المشترى اعتمد البائع وائتمنه في الخبر عن الثمن الأول فكانت الأمانة مطلوبة في هذا العقد فكانت صيانته عن الخيانة مشروطة دلالة ففواتها يوجب الخيار كفوات السلامة عن العيب وكذا لو صالح من دين
(٢٢٥)