فيما ليس ببيع ولا بمعنى البيع حتى لا تجب بالهبة والصدقة والميراث والوصية لان الاخذ بالشفعة يملك على المأخوذ منه بمثل ما ملك هو فإذا انعدم معنى المعاوضة فلو اخذ الشفيع فاما ان يأخذ بالقيمة واما ان يأخذ مجانا بلا عوض لا سبيل إلى الأول لان المأخوذ منه لم يملكه بالقيمة ولا سبيل إلى الثاني لان الحد على التبرع ليس بمشروع فامتنع الاخذ أصلا وإن كانت الهبة بشرط العوض فان تقابضا وجبت الشفعة لوجود معنى المعاوضة عند التقابض وان قبض أحدهما دون الاخر فلا شفعة عند أصحابنا الثلاثة وعند زفر تجب الشفعة بنفس العقد وهذا بناء على أصل وهو ان الهبة بشرط العوض عندنا تبرع ابتداء معاوضة انتهاء وعنده معاوضة ابتداء وانتهاء ودلائل هذا الأصل في كتاب الهبة نذكرها هناك إن شاء الله تعالى ولو وهب عقارا من غير شرط العوض ثم إن الموهوب له عوضه من ذلك دارا فلا شفعة في الدارين لا في دار الهبة ولا في دار العوض لان اعطاء دار العوض هبة مبتدأة الا انها اختصت بالمنع من الرجوع الا أن تكون عوضا حقيقة بدليل انه لو وهب عشرة دراهم فعوضه بخمسة جاز ولو كان عوضا حقيقة لما جاز لأنه يكون ربا دل ان الثاني ليس بعوض عن الأول حقيقة فلم يكن هذا معاوضة بل كان هبة مبتدأة فلم تجب به الشفعة وتجب الشفعة في الدار التي هي بدل الصلح سواء كان الصلح على الدار عن اقرار أو انكار أو سكوت لوجود معنى المعاوضة (أما) في الصلح عن اقرار فظاهر لان المدعى ملك المدعى في حق المدعى والمدعى عليه فكانت الدار التي هي بدل الصلح عوضا عن ملك ثابت في حقهما جميعا فيتحقق معنى المعاوضة في هذا الصلح (وأما) في الصلح عن انكار فلان عند المدعى انه أخذ الدار عوضا عن ملكه الثابت فكان الصلح معاوضة في حقه وكان للشفيع فيها حق الشفعة وكذا في الصلح عن سكوت المدعى عليه لان المدعى إن كان محقا في دعواه كان بدل الصلح عوضا عن ملكه حقيقة وإن كان مبطلا كان عوضا عن ملكه في زعمه فيتحقق معنى المعاوضة في زعمه وكذا تجب الشفعة في الدار المصالح عنها عن اقرار لوجود معنى المعاوضة في هذا الصلح من الجانبين جميعا (وأما) عن انكار فلا تجب به الشفعة لان في زعم المدعى عليه ان الدار المدعاة ملكه وإنما بذل المال لدفع الخصومة الباطلة فلا يتحقق معنى المعاوضة في حقه فلم يكن للشفيع أن يأخذها منه بالشفعة للحال ولكنه يقوم مقام المدعى في إقامة الحجة فان أقام البينة على صاحب اليد ان الدار كانت للمدعى أو حلف المدعى عليه فنكل فله الشفعة لأنه تبين ان الصلح وقع معاوضة حقيقة وان لم تقم له الحجة فلا شفعة له وكذلك لا تجب الشفعة في الدار المصالح عنها عن سكوت لان المدعى إن كان محقا في دعواه كان الصلح معاوضة فتجب الشفعة وإن كان مبطلا لم يكن معاوضة في حق المدعى عليه فلا تجب الشفعة مع الاحتمال لان الحكم كما لا يثبت بدون شرطه لا يثبت مع وجود الشك في شرطه لان غير الثابت بيقين لا يثبت بالشك ولو كان بدل الصلح منافع فلا شفعة في الدار المصالح عنها سواء كان الصلح عن انكار أو اقرار لان بدل الصلح ليس بعين مال فلم يكن هذا الصلح معاوضة عين المال بعين المال وهذا من شرائط ثبوت الشفعة على ما نذكره إن شاء الله تعالى ولو اصطلحا على أن يأخذ المدعى عليه الدار ويعطيه دار أخرى فإن كان الصلح عن انكار تجب في كل واحدة من الدارين الشفعة بقيمة الدار الأخرى لان الصلح إذا كان عن انكار كان الصلح على معاوضة دار بدار وإن كان عن اقرار لا يصح الصلح ولا تجب الشفعة في الدارين جميعا لأنهما جميعا ملك المدعى ولو اشترى دارا فسلم الشفيع الشفعة ثم رد المشترى الدار بخيار الرؤية أو شرط قبل القبض أو بعده فأراد الشفيع ان يأخذ الدار بالشفعة بسبب الرد لم يكن له ذلك لان الرد بخيار الرؤية والشرط ليس في معنى البيع الا ترى انه يرد من غير رضا البائع بل هو فسخ محض في حق الكل ورفع العقد من الأصل كأنه لم يكن فيعود إليه قديم ملكه فلم يتحقق معنى البيع فلا تجب الشفعة وكذا لو رد عليه بعيب قبل القبض أو بعده بقضاء القاضي لان الرد بقضاء القاضي فسخ مطلق وإن كان بغير قضاء القاضي فللشفيع الشفعة لان الرد بغير قضاء بيع جديد في حق ثالث وكذا الإقالة قبل القبض أو بعده لأنها بيع جديد في حق ثالث ولا تجب الشفعة في القسمة وإن كان فيها معنى المعاوضة لأنها ليست
(١١)