القبض بالكيل في باب البيع لاندفاع جهالة المعقود عليه بتمييز حق المشترى عن حق البائع والقرض يقبل نوع جهالة فلا يشترط له القبض ولان الاقراض إعارة عندنا فالمقبول من بدل القرض كأنه عين حقه فصار كما لو أعار عينا ثم استردها فيصح قبضه بدون الكيل وإنما يجب كيل واحد للمشترى لا غير والله عز وجل أعلم (وأما) بيان ما يصير به المشترى قابضا للمبيع من التصرفات وما لا يصير به قابضا فنقول وبالله التوفيق المبيع لا يخلو إما أن يكون في يد البائع وإما أن يكون في يد المشترى فإن كان في يد البائع فاتلفه المشترى صار قابضا له لأنه صار قابضا بالتخلية فبالاتلاف أولى لان التخلية تمكين من التصرف في المبيع والاتلاف تصرف فيه حقيقة والتمكين من التصرف دون حقيقة التصرف وكذلك لو قطع يده أو شج رأسه وكل تصرف نقص شيئا لان هذا الافعال في الدلالة على التمكين فوق التخلية ثم بالتخلية صار قابضا فبها أولى وكذلك لو فعل البائع شيئا من ذلك بأمر المشترى لان فعله بأمر المشترى بمنزلة فعل المشترى بنفسه ولو أعتقه المشترى يصير قابضا لان لاعتاق اتلاف حكما فيلحق بالاتلاف حقيقة وكذا لو دبره أو استولد الجارية أي أقرانها أم ولد له لان التدبير أو الاستيلاد تنقيص حكما فكان ملحقا بالتنقيص حقيقة ولو زوج المبيع بأن كان جارية أو عبدا فالقياس ان يصير قابضا وهو رواية عن أبي يوسف وفى الاستحسان لا يصير قابضا (وجه) القياس أن التزوج تعييب الا ترى أن الزوجية عيب يرد بها وإذا كانت الزوجية عيبا كان التزوج تعييبا والتعييب قبض (وجه) الاستحسان أنه تعييب حكما لا حقيقة لأنه لا يوجب نقصان المحل ولا نقصان الملك فيه فلا يصير به قابضا وكذا لو أقر عليه بالدين فالقياس أن يصير قابضا لان الدين عيب حتى يرد به وفى الاستحسان لا يصير قابضا لأنه تعييب حكمي وانه لا يوجب النقصان فلا يكون قبضا ولو وطئها الزوج في يد البائع صار المشترى قابضا لان الوطئ اثبات اليد على الموطوءة وانه حصل من الزوج بتسليط المشترى فكان من حيث إنه اثبات اليد مضافا إلى المشترى فكان قابضا من المشترى ولو أعار المشترى المبيع للبائع أو أودعه أو آجره لم يكن شئ من ذلك قبضا لأن هذه التصرفات لم تصح من المشترى لان يد الحبس بطريق الأصالة ثابتة للبائع فلا يتصور اثبات يد النيابة له بهذه التصرفات فلم تصح والتحقت بالعدم ولو أعاره أو أودعه أجنبيا صار قابضا لان الإعارة والايداع إياه صحيح فقد أثبت يد النيابة لغيره فصار قابضا ولو أرسل المشترى العبد المبيع إلى حاجة صار قابضا لان ارساله في الحاجة استعمال له بدليل أنه صار راضيا به واستعماله إياه اثبات يده عليه وهو معنى القبض ولو جنى أجنبي على المبيع فاختار المشترى اتباع الجاني بالضمان كان اختياره بمنزلة القبض عند أبي يوسف وعند محمد يكون حتى لو توى الضمان على الجاني بان مات مفلسا كان التوى على المشترى ولا يبطل البيع عند أبي يوسف ويتقرر عليه الثمن وعند محمد يبطل البيع والتوى على البائع ويسقط الثمن عن المشترى وكذا لو استبدل المشترى الضمان ليأخذ مكانه من الجاني شيئا آخر جاز عند أبي يوسف وعند محمد لا يجوز لان هذا تصرف في المعقود عليه قبل القبض لان القيمة قائمة مقام العين المستهلكة والتصرف في المعقود عليه قبل القبض لا يجوز لا من البائع ولا من غيره وكذا المبيع إذا كان مصوغا من فضة اشتراها بدينار فاستهلك المصوغ أجنبي قبل القبض فاختار المشترى أن يتبع الجاني بالضمان ونقد الدينار البائع فافترقا قبل قبض ضمان المستهلك لا يبطل الصرف بينهما عند أبي يوسف لان اختياره تضمين المستهلك بمنزلة القبض عنده وعند محمد يبطل الصرف لعدم القبض (وجه) قول محمد ان الضمان حكم العين لان قيمة العين قائمة مقامها ولهذا بقي العقد على القيمة بعد استهلاك العين ثم العين لو كانت قائمة فهلكت قبل القبض كان الهلاك على البائع ويبطل البيع ويسقط الثمن عن المشترى فكذا القيمة ولأبي يوسف ان جناية الأجنبي حصلت باذن المشترى وأمره دلالة فيصير قابضا كما لو فعل بنفسه وبيان ذلك أن اختيار المشترى اتباع الجاني بالضمان تمليك من المضمون لان المضمونات تملك باختيار الضمان مستندا إلى وقت سبب الضمان فيصير كان الجناية حصلت بأمر المشترى فيصير
(٢٤٦)