وانها مفسدة للعقد لجهالة القدر وغيرها على ما ذكرنا (وأما) مقدار الأجل فلم يذكر في الأصل وذكر الكرخي ان تقدير الأجل إلى العاقدين حتى لو قدرا نصف يوم جاز وقال بعض مشايخنا أقله ثلاثة أيام قياسا على خيار الشرط وهذا القياس غير سديد لان أقل مدة الخيار ليس بمقدر والثلاث أكثر المدة على أصل أبي حنيفة فلا يستقيم القياس وروى عن محمد انه قدر بالشهر وهو الصحيح لان الأجل إنما شرط في السلم ترفيها وتيسيرا على المسلم إليه ليتمكن من الاكتساب في المدة والشهر مدة معتبرة يمكن فيها من الاكتساب فيتحقق معنى الترفيه فأما ما دونه ففي حد القلة فكان له حكم الحلول والله عز وجل أعلم ولو مات المسلم إليه قبل الأجل حل الدين وكذلك كل دين مؤجل سواه إذا مات من عليه الدين والأصل في هذا ان موت من عليه الدين يبطل الأجل وموت من له الدين لا يبطل لان الأجل حق المديون لا حق صاحب الدين فتعتبر حياته وموته في الأجل وبطلانه والله عز وجل أعلم (ومنها) بيان مكان ايفائه إذا كان له حمل ومؤنة عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف ومحمد ليس بشرط وعلى هذا الخلاف بيان مكان الأجرة في الإجارات إذا كان لها حمل ومؤنة وعلى هذا الخلاف إذا جعل المكيل الموصوف أو الموزون الموصوف ثمنا في بيع العين انه لا بد من بيان مكان التسليم عنده خلافا لهما كذا أطلقه الكرخي ولم يفصل بين ما إذا كان مؤجلا أو غير مؤجل ومن أصحابنا من فرقوا فقالوا إذا كان حالا يتعين مكان العقد للتسليم بالاجماع وحاصل الاختلاف راجع إلى مكان العقد هل يتعين للايفاء عنده لا يتعين وعندهما يتعين لأنه إذا لم يتعين مكان العقد للايفاء عنده ولم يوجد منهما تعيين مكان آخر بقي مكان الايفاء مجهولا جهالة مفضية إلى المنازعة فيفسد العقد ولما تعين مكان العقد للايفاء عندهما صار مكان الايفاء معلوما فيصح (وجه) قولهما ان سبب وجوب الايفاء هو العقد والعقد وجد في هذا المكان فيتعين مكان العقد لوجوب الايفاء فيه كما في بيع العين إذا كان المسلم فيه شيئا له حمل ومؤنة فإنه يتعين مكان العقد لوجوب الايفاء فيه لما قلنا كذا هذا (ولأبي حنيفة رحمه الله) أن العقد وجد مطلقا عن تعيين مكان فلا يتعين مكان العقد للايفاء والدليل على اطلاق العقد عن تعيين مكان الحقيقة والحكم (أما) الحقيقة فلانه لم يوجد ذكر المكان في العقد نصا فالقول بتعيين مكان العقد شرعا من غير تعيين العاقدين تقييد المطلق فلا يجوز الا بدليل (وأما) الحكم فان العاقدين لو عينا مكانا آخر جاز ولو كان تعيين مكان العقد من مقتضيات العقد شرعا لكان تعيين مكان آخر تغييرا لمقتضى العقد وانه يعتبر فيه حكم الشرع فينبغي أن لا يجوز وإذا لم يتعين مكان العقد للايفاء بقي مكان الايفاء مجهولا جهالة مفضية إلى المنازعة لان في الأشياء التي لها حمل ومؤنة تختلف باختلاف الأمكنة لما يلزم في حملها من مكان إلى مكان آخر من المؤنة فيتنازعان (وأما) قولهما سبب وجوب التسليم هو العقد في هذا المكان قلنا ليس كذلك فان العقد قائم بالعاقدين لا بالمكان فلم يوجد العقد في هذا المكان وإنما هذا مكان المتعاقدين على أن العقد ليس بسبب لوجوب التسليم للحال وإنما يصير سببا عند حل الأجل مقصورا عليه وعند ذلك مكان العاقدين ليس بمتحد بل مختلف فيتنازعان (وأما) المسلم فيه إذا لم يكن له حمل ومؤنة فعن أبي حنيفة فيه روايتان في رواية لا يتعين مكان العقد هناك أيضا وهو رواية كتاب الإجارات ويوفيه في أي مكان شاء وهذا لا يوجب الفساد لان الفساد ههنا لمكان الجهالة المفضية إلى المنازعة لاختلاف القيمة باختلاف الأمكنة وما لا حمل له ولا مؤنة لا تختلف قيمته باختلاف الأماكن فلم تكن جهالة مكان الايفاء مفضية إلى المنازعة وفى رواية يتعين مكان العقد للايفاء وهو قول أبى يوسف ومحمد وهو رواية الجامع الصغير ورواية البيوع من الأصل ومن مشايخنا من أول هذه الرواية وقال هي معنى قوله يوفيه في المكان الذي أسلم فيه إذا لم يتنازعا فإذا تنازعا يأخذه بالتسليم حيث ما لقيه ولو شرط رب السلم التسليم في بلد أو قرية فحيث سلم إليه في ذلك الموضع فهو جائز وليس لرب السلم ان يتخير مكانا لان المشروط هو التسليم في مكان منه مطلقا وقد وجد وان سلم في غير المكان المشروط فلرب السلم ان يأبى لقوله عليه الصلاة والسلام المسلمون عند شروطهم فان أعطاه على ذلك أجرا لم يجز له أخذ الأجر عليه لأنه لما قبض المسلم فيه فقد تعين ملكه في المقبوض فتبين انه أخذ الأجر على
(٢١٣)