والخف والآنية ونحوها فلا يجوز فيما لا تعامل لهم فيه كما إذا أمر حائكا أن يحوك له ثوبا بغزل نفسه ونحو ذلك مما لم تجر عادات الناس بالتعامل فيه لأن جوازه مع أن القياس يأباه ثبت بتعامل الناس فيختص بما لهم فيه تعامل ويبقى الامر فيما وراء ذلك موكولا إلى القياس (وأما) كيفية جوازه فهي أنه عقد غير لازم في حق كل واحد منهما قبل رؤية المستصنع والرضا به حتى كان للصانع أن يمتنع من الصنع وأن يبيع المصنوع قبل أن يراه المستصنع وللمستصنع أن يرجع أيضا لان القياس أن لا يجوز أصلا الا ان جوازه ثبت استحسانا بخلاف القياس لحاجة الناس وحاجتهم قبل الصنع أو بعده قبل رؤية المستصنع والرضا به أقرب إلى الجواز دون اللزوم فيبقى اللزوم قبل ذلك على أصل القياس (وأما) حكم الاستصناع فحكمه في حق المستصنع إذا أتى الصانع بالمستصنع على الصفة المشروطة ثبوت ملك غير لازم في حقه حتى يثبت له خيار الرؤية إذا رآه ان شاء أخذه وان شاء تركه وفى حق الصانع ثبوت ملك لازم إذا رآه المستصنع ورضى به ولا خيار له وهذا جواب ظاهر الرواية وروى عن أبي حنيفة أنه غير لازم في حق كل واحد منهما حتى يثبت لكل واحد منهما الخيار وروى عن أبي يوسف رحمه الله أنه لازم في حقهما حتى لا خيار لأحدهما لا للصانع ولا للمستصنع أيضا (وجه) رواية أبى يوسف ان في اثبات الخيار للمستصنع اضرارا بالصانع لأنه قد أفسد متاعه وفرى جلده وأتى بالمستصنع على الصفة المشروطة فلو ثبت له الخيار لتضرر به الصانع فيلزم دفعا للضرر عنه (وجه) الرواية الأولى ان في اللزوم اضرارا بهما جميعا أما اضرار الصانع فلما قال أبو يوسف وأما ضرر المستصنع فلان الصانع متى لم يصنعه واتفق له مشتر يبيعه فلا تندفع حاجة المستصنع فيتضرر به فوجب ان يثبت الخيار لهما دفعا للضرر عنهما (وجه) ظاهر الرواية وهو اثبات الخيار للمستصنع لا للصانع ان المستصنع مشتر شيئا لم يره لان المعقود عليه وهو المستصنع وإن كان معدوما حقيقة لكنه جعل موجودا شرعا حتى جاز العقد استحسانا ومن اشترى شيئا لم يره فهو بالخيار إذا رآه والصانع بائع شيئا لم يره فلا خيار له ولان الزام حكم العقد في جانب المستصنع اضرار لان من الجائز أن لا يلائمه المصنوع ولا يرضى به فلو لزمه وهو مطالب بثمنه فيحتاج إلى بيعه من غيره ولا يشترى منه بمثل قيمته فيتضرر به وليس في الالزام في جانب الصانع ضرر لأنه ان لم يرض به المستصنع يبيعة من غيره بمثل قيمته وذلك ميسر عليه لكثرة ممارسته هذا إذا استصنع شيئا ولم يضرب له أجلا فاما إذا ضرب له أجلا فإنه ينقلب سلما عند أبي حنيفة فلا يجوز الا بشرائط السلم ولا خيار لواحد منهما كما في السلم وعندهما هو على حاله استصناع وذكره الأجل للتعجيل ولو ضرب الأجل فيما لا تعامل فيه ينقلب سلما بالاجماع (وجه) قولهما ان هذا استصناع حقيقة فلو صار سلما إنما يصير بذكره المدة وأنه قد يكون للاستعجال كما في الاستصناع فلا يخرج عن كونه استصناعا مع الاحتمال ولأبي حنيفة ان الأجل في البيع من الخصائص اللازمة للسلم فذكره يكون ذكر للسلم معنى وان لم يذكره صريحا كالكفالة بشرط براءة الأصيل انها حوالة معنى وان لم يأت بلفظ الحوالة وقوله ذكر الوقت قد يكون للاستعجال قلنا لو حمل على الاستعجال لم يكن مفيدا لان التعجيل غير لازم ولو حمل على حقيقة التأجيل لكان مفيدا لأنه لازم فكان الحمل عليه أولى ولا يجوز السلم في اللحم في قول أبى حنفية وقال أبو يوسف ومحمد يجوز إذا بين جنسه ونوعه وصفته وقدره وسنه وموضعه لان الفساد لمكان الجهالة وقد زالت ببيان هذه الأشياء ولهذا كان مضمونا بالمثل في ضمان العدوان ولأبي حنيفة ان الجهالة تبقى بعد بيان ما ذكرناه من وجهين (أحدهما) من جهة الهزال والسمن (والثاني) من جهة قلة العظم وكثرته وكل واحدة منهما مفضية إلى المنازعة وقياس الوجه الثاني أنه لو أسلم في منزوع العظم يجوز وهو رواية الكرخي عن أبي حنيفة رحمهما الله وقياس الوجه الأول أنه لا يجوز كيف ما كان وهو ظاهر الرواية عن أبي حنيفة وهو الصحيح لأنه ان زالت الجهالة من إحدى الجهتين بقيت من جهة أخرى وهي جهالة السمن والهزال فكان المسلم فيه مجهولا فلا يصح السلم إلا أنه جعل مثلا في ضمان العدوان وسقط اعتبار التفاوت فيه شرعا تحقيقا لمعنى الزجر من وجه لان ذلك لا يحصل بالقيمة لان للناس رغائب في الأعيان ما ليس في قيمتها ويجوز السلم في الالية
(٢١٠)