بعينها فلا وذكر في الأصل إذا أسلم في حنطة هراة لا يجوز وأراد قرية من قرى الفرات المسماة بهراة لأنه مما يحتمل انقطاع طعامه ثم لو أسلم في ثوب هراة وذكر شرائط السلم يجوز (ووجه) الفرق بينهما ظاهر لان إضافة الثوب إلى هراة ذكر شرط من شرائط السلم لا جواز له بدونه وهو بيان النوع لا تخصيص الثوب بالمكان المذكور بدليل ان المسلم إليه لو أتى بثوب نسج في غير هراة لكن على صفة ثوب هراة يجبر رب السلم على القبول فإذا ذكر النوع وذكر الشرائط الأخر كان هذا عقدا استجمع شرائطه فيجوز فاما إضافة الطعام إلى هراة فليس يفيد شرطا لا جواز للسلم بدونه ألا ترى أنه لو ترك الإضافة أصلا جاز السلم فبقيت الإضافة لتخصيص الطعام بموضع معين يحتمل انقطاع طعامه فلم يجز والله عز وجل أعلم (ومنها) أن يكون مما يتعين بالتعيين فإن كان مما لا يتعين بالتعيين كالدراهم والدنانير لا يجوز السلم فيه لان المسلم فيه بيع لما روينا ان النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن بيع ما ليس عند الانسان ورخص في السلم سمى السلم بيعا فكان المسلم فيه مبيعا والمبيع مما يتعين بالتعيين والدراهم والدنانير لا تتعين في عقود المعاوضات فلم تكن مبيعة فلا يجوز السلم فيها وهل يجوز السلم في التبر والنقرة والمصوغ فعلى رواية كتاب الصرف لا يجوز لأنه جعلها بمنزلة الدراهم والدنانير المضروبة وعلى رواية كتاب المضاربة يجوز لأنه جعلها بمنزلة العروض حيث لم يجوز المضاربة بها فتتعين بالتعيين فكانت مبيعة فيجوز السلم فيها وعلى هذا أيضا يخرج السلم في الفلوس عددا انه جائز عند أبي حنيفة رحمه الله وأبى يوسف لان الفلوس مما تتعين بالتعيين في الجملة عندهما حتى جوز بيع فلس بفلس بأعيانهما وعند محمد لا يجوز السلم فيها كما لا يجوز في الدراهم والدنانير لأنها أثمان عنده ولهذا لم يجز بيع واحد منها باثنين بأعيانهما ويجوز السلم في القماقم والأواني الصفرية التي تباع عددا لأنها تتعين بالتعيين فكانت مبيعة وإن كانت تباع وزنا لا يجوز السلم فيها ما لم يعرف وزنها لأنها مجهولة القدر والله عز وجل أعلم (ومنها) أن يكون مؤجلا عندنا حتى لا يجوز السلم في الحال وعند الشافعي هذا ليس بشرط وسلم الحال جائز (وجه) قوله إن الأجل شرع نظرا للمسلم إليه تمكينا له من الاكتساب فلا يكون لازما كما في بيع العين (ولنا) ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من أسلم فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم أوجب عليه الصلاة والسلام مراعاة الأجل في السلم كما أوجب مراعاة القدر فيه فيدل على كونه شرطا فيه كالقدر ولان السلم حالا يفضى إلى المنازعة لان السلم بيع المفاليس فالظاهر أن يكون المسلم إليه عاجزا عن تسليم المسلم فيه ورب السلم يطالب بالتسليم فيتنازعان على وجه تقع الحاجة إلى الفسخ وفيه الحاق الضرر برب السلم لأنه سلم رأس المال إلى المسلم إليه وصرفه في حاجته فلا يصل إلى المسلم فيه ولا إلى رأس المال فشرط الأجل حتى لا يملك المطالبة الا بعد حل الأجل وعند ذلك يقدر على التسليم ظاهرا فلا يؤدى إلى المنازعة المفضية إلى الفسخ والاضرار برب السلم ولأنه عقد لم يشرع الا رخصة لكونه بيع ما ليس عند الانسان لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع ما ليس عند الانسان ورخص في السلم فهذا الحديث يدل على أن بيع ما ليس عند الانسان لم يشرع الا رخصة وان السلم بيع ما ليس عند الانسان أيضا على ما ذكرنا من قبل والرخصة في عرف الشرع اسم لما يغير عن الامر الأصلي بعارض عذر إلى تخفيف ويسر كرخصة تناول الميتة وشرب الخمر بالاكراه والمخمصة ونحو ذلك فالترخص في السلم هو تغيير الحكم الأصلي وهو حرمة بيع ما ليس عند الانسان إلى الحل بعارض عذر العدم ضرورة الافلاس فحالة الوجود والقدرة لا يلحقها اسم قدرة الرخصة فيبقى الحكم فيها على العزيمة الأصلية فكانت حرمة السلم الحال على هذا التقرير مستفادة من النص كان ينبغي أن لا يجوز السلم من القادر على تسليم المسلم فيه للحال الا أنه صار مخصوصا عن النهى العام فألحق بالعاجز عن التسليم للحال على اعتبار الأصل والحاق النادر بالعدم في أحكام الشرع والله سبحانه وتعالى الموفق للصواب (ومنها) أن يكون مؤجلا بأجل معلوم فإن كان مجهولا فالسلم فاسد سواء كانت الجهالة متفاحشة أو متقاربة لان كل ذلك يفضى إلى المنازعة
(٢١٢)