ثم يسار المعتق واعساره يعتبر وقت الاعتاق حتى لو كان معسرا وقت الاعتاق لا يضمن وأن أيسر بعد ذلك لان ذلك وقت وجوب الضمان فيعتبر ذلك الوقت كضمان الاتلاف والغصب ولو اختلفا في اليسار والاعسار فإن كان اختلافهما حال الاعتاق فالقول قول المعتق لان الأصل هو الفقر والغنا عارض فكان الظاهر شاهدا للمعتق والبينة بينة الآخر لأنها تثبت زيادة وإن كان الاعتاق متقدما واختلفا فقال المعتق أعتقت عام الأول وأنا معسر ثم أيسرت فيعتبر ذلك الوقت وقال الآخر بل أعتقته عام الأول وأنت موسر فالقول قول المعتق وعلى الشريك اقامه البينة لان حالة اعتبار اليسار والاعسار شاهد للمعتق فيحكم الحال كما إذا اختلف صاحب الرحى والطحان في انقطاع الماء وجريانه أنه يحكم الحال كذا ههنا وقد قال أبو يوسف في عبدين بين رجلين قال أحدهما أحدكما حر وهو فقير ثم استغنى ثم اختار أن يوقع العتق على أحدهما ضمن نصف قيمته يوم العتق وكذلك لو كان مات قبل أن يختار وقد استغنى قبل موته ضمن ربع قيمة كل واحد منهما إنما انظر إلى حاله يوم أوقع بمنزلة من كاتب نصبيه من العبد ثم أدى العبد فيعتق ثم إنما أنظر إلى حال مولاه يوم عتق المكاتب ولا أنظر إلى حاله يوم كاتب وهذا على أصله صحيح لان إضافة العتق إلى المجهول تعليق لعتق عبده بشرط الاختيار كأنه علقه به نصا فيعتبر حاله يوم الاختيار لأنه يوم العتق كما لو قال لعبد مشترك بينه وبين غيره ان دخلت الدار فأنت حر فدخل انه يضمن نصف قيمته يوم دخل الدار لا يوم اليمين لان يوم الدخول هو يوم العتق وأما على أصل محمد فإضافة العتق إلى المجهول تنجيز وإنما الاختيار تعيين لمن وقع عليه العتق فيعتبر صفة العتق في يساره واعساره يوم التكلم بالعتق وكذا يعتبر قيمة في العبد في الضمان السعاية يوم الاعتاق حتى لو علمت قيمته يوم أعتق ثم ازدادت أو انتقصت أو كاتب أمة فولدت لم يلتفت إلى ذلك ويضمنه قيمته يوم أعتقه لأنه يوم وجوب الضمان فيعتبر قيمته يومئذ كما في الغصب والاتلاف وان لم يعلما ذلك واختلفا فجملة الكلام فيه ان العبد لا يخلو اما أن يكون قائما وقت الخصومة واما أن يكون هالكا اتفقا على حال المعتق أو اختلفا فيها والأصل في هذه الجملة ان الحال إن كانت تشهد لأحدهما فالقول قوله لان الحال شاهد صادق أصله مسألة الطاحونة وإن كانت لا تشهد لأحدهما فالقول قول المعتق لأنه منكر فإن كان العبد قائما وقت الخصومة واتفقا على العتق في الحال واختلفا في قيمته بأن قال المعتق قد أعتقته اليوم وقيمته وكذا وقال شريكه نعم أعتقته اليوم الا ان قيمته أكثر من ذلك يرجع إلى قيمته للحال ولا يعتبر التحالف والبينة لان الحال أصدق وكذا لو اختلفا في حال العتق فقال المعتق أعتقته قبل هذا وكانت قيمته كذا وقال الآخر أعتقته اليوم وقيمته أكثر أو قال المعتق أعتقته اليوم وقيمته كذا وقال الآخر بل أعتقته قبل ذلك وقيمته كانت أكثر رجع إلى قيمته في الحال لان الحال إذا شهدت لأحدهما فالظاهر أن قيمته كانت كذلك وقت الاعتاق إذ الأصل دوام الحال والتغير خلاف الأصل فكان الظاهر شاهدا له فأشبه اختلاف صاحب الطاحونة مع الطحان في انقطاع الماء وجريانه أنه يحكم الحال فيه كذا هذا وان اتفقا على أن العتق كان متقدما على زمان الخصومة لكن قال المعتق قيمته كانت كذا وقال الشريك بل كانت أكثر فههنا لا يمكن تحكيم الحال بالرجوع إلى قيمة العبد في الحال لأنها تزيد وتنقص في المدة ويكون القول قول المعتق لان الشريك يدعى عليه زيادة ضمان وهو ينكر فكان القول قوله كالمتلف والغاصب وقالوا في الشفعة إذا احترق البناء واختلف الشفيع والمشترى في قيمته وقيمة الأرض ان المرجع إلى قيمة الأرض في الحال والقول قول المشترى في البناء لان الشفيع يريد أن يتملك عليه الأرض بالشفعة فلا يجوز أن يتملكها الا بقوله فأما المعتق فلا يريد أن يتملك على شريكه وإنما شريكه يدعى عليه زيادة ضمان وهو ينكر وكذلك إذا كان العبد هالكا فالقول قول المعتق لما قلنا إنه منكر للزيادة والله عز وجل أعلم فان هلك العبد قبل ان يختار الشريك الذي لم يعتق شيئا هل له أن يضمن المعتق إذا كان موسرا اختلفت الرواية فيه عن أبي حنيفة روى محمد عنه وهو رواية الحسن واحدى روايتي أبى يوسف ان له أن يضمن المعتق وروى أبو يوسف رواية أخرى عنه أنه لا ضمان على المعتق وجه هذه الرواية ان تضمين المعتق ثبت نصا
(٩٢)