على ملكه وأنه يحتمل لهذه التصرفات كما في حال الابتداء وأما خيار السعاية فلان نصيبه صار محتسبا عند العبد لحقه لثبوت العتق له في نصفه فيصير مضمونا عليه كما إذا انصبغ ثوب انسان بصبغ غيره من غير صنع أحد فاختار صاحب الثوب الثوب انه يجب عليه ضمان الصبغ لصيرورة الصبغ محتسبا عنده لقيامه بثوب مملوك له لا يمكنه التمييز كذا ههنا ولان في السعاية سلامة نفسه ورقبته له وان لم تصر رقبته مملوكة له ويجوز ايجاب الضمان بمقابلة سلامة الرقبة من غير تملك كالمكاتب وشراء العبد نفسه من مولاه ولان منفعة الاعتاق حصلت فكان عليه ضمانه لقوله صلى الله عليه وسلم الخراج بالضمان ثم خيار السعاية مذهبنا وقال الشافعي لا أعرف السعاية في الشريعة والوجه لقوله إن ضمان السعاية اما أن يكون ضمان اتلاف واما أن يكون ضمان تملك ولا اتلاف من العبد بوجه إذ لا صنع له في الاعتاق رأسا ولا ملك يحصل للعبد في نفسه بالضمان ولان المولى لا يجب له على عبده دين لما فيه من الاستحالة وهي كون الشئ الواحد واجبا عليه وله ولان العبد معسر والضمان في هذا الباب لا يجب على المعسر ألا ترى أنه لا يجب على المعتق إذا كان معسرا مع وجود الاعتاق منه فالعبد أولى ولنا ما روينا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وروى محمد ابن الحسن عن أبي يوسف عن الحجاج بن أرطاة عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من أعتق عبدا بينه وبين شريكه يقوم نصيب شريكه قيمة عدل فإن كان موسرا ضمن نصيب شريكه وإن كان معسرا سعى العبد غير مشقوق عليه فدل ان القول بالسعاية لازم في الجملة عرفها الشافعي أو لم يعرفها وكذا ما ذكرنا من المعاني وبه يتبين ان ضمان السعاية ليس ضمان اتلاف ولا ضمان تملك بل هو ضمان احتباس وضمان سلامة النفس والرقبة وحصول المنفعة لان ذلك من أسباب الضمان على ما بينا وقوله لا يجب للمولى على عبده دين قلنا وقد يجب كالمكاتب والمستسعى في حكم المكاتب عنده إلى أن يؤدى السعاية إلى الشريك الساكت إذا اختار السعاية أو إلى المعتق إذا ضمنه الشريك الساكت لأنه يسعى لتخليص رقبته عن الرق كالمكاتب وتثبت فيه جميع أحكام المكاتب من الإرث والشهادة والنكاح فلا يرث ولا يورث ولا يشهد ولا يتزوج الا اثنتين لا يفترقان الا في وجه واحد وهو أن المكاتب إذا عجز يرد في الرق والمستسعى لا يرد في الرق إذا عجز لان الموجب للسعاية موجود قبل العجز وبعده وهو ثبوت الحرية في جزء منه ولان رده في الرق ههنا لا يفيد لأنا لو رددناه إلى الرق لاحتجنا إلى أن نجبره على السعاية عليه ثانيا فلا يفيد الرق فان قيل بدل الكتابة لا يلزم العبد الا برضاه والسعاية تلزمه من غير رضاه فأنى يستويان فالجواب انه إنما كان كذلك لان بدل الكتابة يجب بحقيقة العقد إذ الكتابة معاوضة من وجه فافتقرت إلى التراضي والسعاية لا تجب بعقد الكتابة حقيقة بل مكاتبة حكمية ثابتة بمقتضى اختيار السعاية فلا يقف وجوبها على الرضا لان الرضا إنما شرط في الكتابة المبتدأة لأنه يجوز أن يرضى بها العبد ويجوز أن لا يرضى بها ويختار البقاء على الرق فوقفت على الرضا وههنا لا سبيل إلى استبقائه على الرق شرعا إذ لا يجوز ذلك فلم يشرط رضاه للزوم السعاية ثم اختلف أصحابنا فقال أبو حنيفة هذا الخيار يثبت للشريك الذي لم يعتق سواء كان المعتق معسرا أو موسرا وقال أبو يوسف ومحمد لا يثبت الا إذا كان معسرا لان الاعتاق لما لم يكن متجزئا عندهما كان المعتق متلفا نصيب الشريك فوجب عليه الضمان ووجوب الضمان يمنع وجوب السعاية فكان ينبغي أن لا يجب حال الاعسار أيضا وأن لا يكون الواجب الا الضمان في الحالين جميعا وهو قول بشر بن غياث المريسي وهو القياس لان ضمان الاتلاف لا يختلف بالاعسار واليسار الا أنا عرفنا وجوبها على خلاف القياس بالنص الذي روينا والنص ورد فيها في حال الاعسار فحال اليسار يقف على أصل القياس ولما كان متجزئا عنده لم يكن الاعتاق اتلافا لنصيب الشريك حتى ويجب ضمان الاتلاف لكن بقي نصيبه محتسبا عند العبد بحقه بحيث لا يمكن استخلاصه منه وهذا يوجب الضمان على ما بينا وهذا المعنى لا يوجب الفصل بين حال اليسار وبين حال الاعسار فيثبت خيار السعاية في الحالين وإذا عتق بالاعتاق أو بالسعاية أو ببدل الكتابة فالولاء بينهما لان الولاء للمعتق والاعتاق حصل منهما وأما خيار التضمين حال يسار
(٨٨)