بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ٨٨
على ملكه وأنه يحتمل لهذه التصرفات كما في حال الابتداء وأما خيار السعاية فلان نصيبه صار محتسبا عند العبد لحقه لثبوت العتق له في نصفه فيصير مضمونا عليه كما إذا انصبغ ثوب انسان بصبغ غيره من غير صنع أحد فاختار صاحب الثوب الثوب انه يجب عليه ضمان الصبغ لصيرورة الصبغ محتسبا عنده لقيامه بثوب مملوك له لا يمكنه التمييز كذا ههنا ولان في السعاية سلامة نفسه ورقبته له وان لم تصر رقبته مملوكة له ويجوز ايجاب الضمان بمقابلة سلامة الرقبة من غير تملك كالمكاتب وشراء العبد نفسه من مولاه ولان منفعة الاعتاق حصلت فكان عليه ضمانه لقوله صلى الله عليه وسلم الخراج بالضمان ثم خيار السعاية مذهبنا وقال الشافعي لا أعرف السعاية في الشريعة والوجه لقوله إن ضمان السعاية اما أن يكون ضمان اتلاف واما أن يكون ضمان تملك ولا اتلاف من العبد بوجه إذ لا صنع له في الاعتاق رأسا ولا ملك يحصل للعبد في نفسه بالضمان ولان المولى لا يجب له على عبده دين لما فيه من الاستحالة وهي كون الشئ الواحد واجبا عليه وله ولان العبد معسر والضمان في هذا الباب لا يجب على المعسر ألا ترى أنه لا يجب على المعتق إذا كان معسرا مع وجود الاعتاق منه فالعبد أولى ولنا ما روينا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وروى محمد ابن الحسن عن أبي يوسف عن الحجاج بن أرطاة عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من أعتق عبدا بينه وبين شريكه يقوم نصيب شريكه قيمة عدل فإن كان موسرا ضمن نصيب شريكه وإن كان معسرا سعى العبد غير مشقوق عليه فدل ان القول بالسعاية لازم في الجملة عرفها الشافعي أو لم يعرفها وكذا ما ذكرنا من المعاني وبه يتبين ان ضمان السعاية ليس ضمان اتلاف ولا ضمان تملك بل هو ضمان احتباس وضمان سلامة النفس والرقبة وحصول المنفعة لان ذلك من أسباب الضمان على ما بينا وقوله لا يجب للمولى على عبده دين قلنا وقد يجب كالمكاتب والمستسعى في حكم المكاتب عنده إلى أن يؤدى السعاية إلى الشريك الساكت إذا اختار السعاية أو إلى المعتق إذا ضمنه الشريك الساكت لأنه يسعى لتخليص رقبته عن الرق كالمكاتب وتثبت فيه جميع أحكام المكاتب من الإرث والشهادة والنكاح فلا يرث ولا يورث ولا يشهد ولا يتزوج الا اثنتين لا يفترقان الا في وجه واحد وهو أن المكاتب إذا عجز يرد في الرق والمستسعى لا يرد في الرق إذا عجز لان الموجب للسعاية موجود قبل العجز وبعده وهو ثبوت الحرية في جزء منه ولان رده في الرق ههنا لا يفيد لأنا لو رددناه إلى الرق لاحتجنا إلى أن نجبره على السعاية عليه ثانيا فلا يفيد الرق فان قيل بدل الكتابة لا يلزم العبد الا برضاه والسعاية تلزمه من غير رضاه فأنى يستويان فالجواب انه إنما كان كذلك لان بدل الكتابة يجب بحقيقة العقد إذ الكتابة معاوضة من وجه فافتقرت إلى التراضي والسعاية لا تجب بعقد الكتابة حقيقة بل مكاتبة حكمية ثابتة بمقتضى اختيار السعاية فلا يقف وجوبها على الرضا لان الرضا إنما شرط في الكتابة المبتدأة لأنه يجوز أن يرضى بها العبد ويجوز أن لا يرضى بها ويختار البقاء على الرق فوقفت على الرضا وههنا لا سبيل إلى استبقائه على الرق شرعا إذ لا يجوز ذلك فلم يشرط رضاه للزوم السعاية ثم اختلف أصحابنا فقال أبو حنيفة هذا الخيار يثبت للشريك الذي لم يعتق سواء كان المعتق معسرا أو موسرا وقال أبو يوسف ومحمد لا يثبت الا إذا كان معسرا لان الاعتاق لما لم يكن متجزئا عندهما كان المعتق متلفا نصيب الشريك فوجب عليه الضمان ووجوب الضمان يمنع وجوب السعاية فكان ينبغي أن لا يجب حال الاعسار أيضا وأن لا يكون الواجب الا الضمان في الحالين جميعا وهو قول بشر بن غياث المريسي وهو القياس لان ضمان الاتلاف لا يختلف بالاعسار واليسار الا أنا عرفنا وجوبها على خلاف القياس بالنص الذي روينا والنص ورد فيها في حال الاعسار فحال اليسار يقف على أصل القياس ولما كان متجزئا عنده لم يكن الاعتاق اتلافا لنصيب الشريك حتى ويجب ضمان الاتلاف لكن بقي نصيبه محتسبا عند العبد بحقه بحيث لا يمكن استخلاصه منه وهذا يوجب الضمان على ما بينا وهذا المعنى لا يوجب الفصل بين حال اليسار وبين حال الاعسار فيثبت خيار السعاية في الحالين وإذا عتق بالاعتاق أو بالسعاية أو ببدل الكتابة فالولاء بينهما لان الولاء للمعتق والاعتاق حصل منهما وأما خيار التضمين حال يسار
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222