بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ٩٠
متجزئا عند أبي حنيفة كان العتق متجزئا ضرورة إذ هو حكم الاعتاق والحكم يثبت على وفق العلة ولما لم يكن متجزئا عندهما لم يكن الاعتاق متجزئا أيضا لما قلنا ولان القول بهذا قول بتخصيص العلة لأنه يوجد الاعتاق في النصف ويتأخر العتق فيه إلى وقت الضمان أو السعاية وانه قول بوجود العلة والحكم وهو تفسير تخصيص العلة وأنه باطل لنا ان العتق وان ثبت في نصيب المعتق على طريق الاقتصار عليه لكن في الاعتاق حق الله عز وجل وحق العبد بالاجماع وإنما اختلفوا في الرجحان فالقول بالتمليك ابطال الحقين وهذا لا يجوز وكذا فيه اضرار بالمعتق باهدار تصرفه من حيث الثمرة للحال واضرار بالعبد من حيث الحاق الذل به في استعمال النصف الحر والضرر منفى شرعا فان قيل إن كان في التمليك اضرار بالمعتق ففي المنع من التمليك اضرار بالشريك الساكت لما فيه من منعه من المتصرف في ملكه فوقع التعارض فالجواب انا لا نمنعه من التمليك أصلا ورأسا فان له ان يضمن المعتق ويستسعى العبد ويكاتبه وفي التضمين تمليكه من المعتق بالضمان وفي الاستسعاء والمكاتبة إزالة الملك إلى عوض وهو السعاية وبدل الكتابة فكان فيما قلنا رعاية الجانبين فكان أولى فان اختار التدبير فدبر نصيبه صار نصيبه مدبرا عند أبي حنيفة لان نصيبه باق على ملكه يحتمل التخريج إلى العتق والتدبير تخريج إلى العتق الا أنه لا يجوز له أن يتركه على حاله ليعتق بعد الموت بل يجب عليه السعاية للحال فيؤدى فيعتق لان تدبيره اختيار منه للسعاية وله أن يعتق لان المدبر قابل للاعتاق وليس له أن يضمن المعتق لان التضمين يقتضى تملك المضمون والمدبر لا يحتمل النقل من ملك إلى ملك لان تدبيره اختيار منه للسعاية واختيار السعاية يسقط ولاية التضمين على ما نذكر إن شاء الله تعالى وان اختار الكتابة فكاتب نصيبه يصير نصيبه مكاتبا عند أبي حنيفة لما ذكرنا وكانت مكاتبته اختيارا منه للسعاية حتى لا يملك تضمين المعتق بعد ذلك ولان ملك المكاتب وهو مكاتب لا يحتمل النقل أيضا فتعذر التضمين ويملك اعتاقه لان الكتابة لا تمنع من الاعتاق ثم معتق البعض إذا كوتب فالامر لا يخلو اما ان كاتبه على الدراهم والدنانير واما ان كاتبه على العروض واما ان كاتبه على الحيوان فان كاتبه على الدراهم والدنانير فإن كانت المكاتبة على قدر قيمته جازت لأنه قد ثبت له اختيار السعاية فإذا كاتبه على ذلك فقد اختار السعاية وتراضيا عليها وان كاتبه على أقل من قيمته يجوز أيضا لأنه رضى باسقاط بعض حقه وله أن يرضى باسقاط الكل فهذا أولى وان كاتبه على أثر من قيمته فإن كانت الزيادة مما يتغابن الناس في مثلها جازت أيضا لأنها ليست زيادة متحققة لدخولها تحت تقوم أحد المقومين وإن كانت مما لا يتغابن الناس في يطرح عنه الفضل لان مكاتبته اختيار للسعاية والسعاية من جنس الدراهم والدنانير فلا يجوز أخذ الزيادة على القدر المستحق لأنه يكون ربا وإن كانت المكاتبة على العروض جازت بالقليل والكثير لان الثابت له عليه وهو السعاية من جنس الدراهم والدنانير بالعروض جائز قلت العروض أو كثرت وإن كانت على الحيوان جازت لان الحيوان يثبت دينا في الذمة عوضا عما ليس بمال ولهذا جاز ابتداء الكتابة على حيوان ويجب الوسط كذا هذا ولو صالح الذي لم يعتق العبد أو المعتق على مال فهذا لا يخلو عن الاقسام التي ذكرناها في الكتابة فإن كان الصلح على الدراهم والدنانير على نصف قيمته لاشك أنه جائز وكذا إذا كان على أقل من نصف قيمته لأنه يستحق نصف القيمة فإذا رضى بدونه فقد أسقط بعض حقه فيجوز وكذا إن كان على أكثر من نصف قيمته مما يتغابن الناس في مثله لما قلنا فأما إذا كان على أكثر من نصف قيمته مما لا يتغابن الناس في مثله فالفضل باطل في قولهم جميعا أما على أصل أبى يوسف ومحمد فظاهر لان نصف القيمة قد وحب على العبد أو على المعتق والقيمة من الدارهم والدنانير فالزيادة على القدر المستحق تكون فضل مال لا يقابله عوض في عقد المعاوضة فيكون ربا كمن كان له على آخر ألف درهم فصالحه على ألف وخمسمائة ان الصلح يكون باطلا كذا هذا وهذا على أصلهما مطرد لان عندهما أن من أتلف على آخر مالا مثل له أو غصب منه مالا مثل له فهلك في يده فالثابت في ذمته القيمة حتى لو صالح على أكثر من قيمته لا يجوز عندهما فكذا ضمان العتق لأنه ضمان اتلاف عندهما وأما عند أبي حنيفة فالصلح عن المتلف أو المغصوب على
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222