بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ٨٩
المعتق فأمر ثبت شرعا غير معقول المعنى بالأحاديث التي روينا لان الاعتاق إذا كان متجزئا عنده كان المعتق متصرفا في ملك نفسه على طريق الاقتصار ومن تصرف في ملك نفسه لا يؤاخذ بما حدث غيره عند تصرفه لا بتصرفه كمن أحرق دار نفسه فاحترقت دار جاره أو اسقى أرض نفسه فنزت أرض جاره أو حفر بئرا في دار نفسه فوقع فيها انسان ونحو ذلك الا أن وجوب الضمان حالة اليسار ثبت بالنصوص تعبدا غير معقول فتبقى حالة الاعسار على أصل القياس أو ثبت معقولا بمعنى النظر للشريك كي لا يتلف ماله بمقابلة مال في ذمة المفلس من غير صنع من المعتق في نصيب شريكه فصلح أن يكون موجبا للضمان ومن غير أن يكون في مقابلته عوض فيكون ضمان صلة وتبرع كنفقة المحارم وضمان الصلة والتبرع إنما يجب حالة اليسار كما في نفقة الأقارب أو وجب نظرا للعبد لأنه تبرع عليه باعتاق نصفه فلم يتم غرضه في ايصال ثمرات العتق إلى العبد فوجب عليه الضمان تتميما لغرضه فيختص وجوبه بحالة اليسار ومن مشايخنا من سلك طريقة أخرى لأبي حنيفة في ضمان العتق فقال هذا ضمان افساد عنده لان المعتق باعتاقه نصيبه أفسد نصيب شريكه حيث أخرجه من أن يكون منتفعا به في حقه حتى لا يملك فيه سائر التصرفات المزيلة للملك عقيب فعله وإنما يملك الاعتاق والسعاية والحكم متى ثبت عقيب وصف مؤثر يضاف إليها الا أنه لا يجب على المعسر نصا بخلاف القياس ومنهم من قال هو ضمان تملك لأنه بوجوب الضمان على المعتق يصير نصيب شريكه ملكا له حتى كان له أن يعتق نصيبه مجانا بغير عوض وان شاء استسعى العبد وهذا تفسير ضمان التملك أن يكون بمقابلة الضمان ملك العوض وهذا كذلك ولهذا كان ضمان الغصب ضمان تملك وضمان التملك لا يستدعى وجود الاتلاف كضمان الغصب فان قيل كيف يكون ضمان التملك والمضمون وهو نصيب الشريك لا يحتمل النقل من ملك إلى ملك قيل يحتمل النقل إلى ملك المعتق بالضمان إن كان لا يحتمل النقل إلى ملك غيره ويجوز بيعه منه أيضا في القياس هكذا ذكر في الأصل وقال إن باع الذي لم يعتق نصيبه من المعتق أو وهبه له على عوض أخذ منه وهذا واختياره الضمان سواء في القياس غير أن هذا أفحشهما والبيع هو نقل الملك بعوض الا أن في الاستحسان لا يجوز بيعه من المعتق كما لا يجوز من غيره لكن هذا لا ينفى جواز النقل لا على وجه البيع فان الشئ قد يحتمل النقل إلى إنسان بالضمان وإن كان لا يحتمله بجهة البيع فان الخمر تنتقل إلى المسلم بالضمان بأن أتلف على ذمي خمره وإن كانت لا تنتقل إليه بالبيع على أن قبول المحل لانتقال الملك فيه بشرط حال انعقاد السبب لا حال أداء الضمان لأنه لا يملكه من ذلك الوقت فيراعى قبول المحل في ذلك الوقت ألا ترى أن من غصب من آخر عبدا فهلك في يده ثم أدعى الضمان أنه يملكه ومعلوم ان الهالك لا يقبل الملك لكن لما كان قابلا وقت انعقاد السبب والملك يثبت من ذلك الوقت يعتبر قبول المحل فيه وكذا ههنا ثم إذا ضمن الذي أعتق فالمعتق بالخيار ان شاء أعتق ما بقي وان شاء دبر وان شاء كاتب وان شاء استسعى لما ذكرنا في الشريك الذي لم يعتق لان نصيبه انتقل إليه فقام مقامه وبأي وجه عتق من الاعتاق أو السعاية فولاء العبد كله له لأنه عتق كله على ملكه هذا إذا كان المعتق موسرا فأما إن كان معسرا فللشريك أربع خيارات ان شاء أعتق وان شاء دبر وان شاء كاتب وان شاء استسعى لما ذكرنا وأما على قول أبى يوسف ومحمد فيعتق كله لان الاعتاق عندهما لا يتجزأ فكان اعتاق بعضه اعتاقا لكله ولا خيار للشريك عندهما وإنما له الضمان لا غير إن كان المعتق موسرا وإن كان معسرا فله السعاية لا غير لما ذكرنا ان المعتق صار متلفا نصيب الشريك فكان ينبغي أن يكون الواجب هو الضمان في حالة اليسار والاعسار الا أن وجوب السعاية حال الاعسار ثبت بخلاف القياس بالنص وأما على قول الشافعي إن كان المعتق موسرا عتق كله وللشريك أن يضمنه لا غير كما قالا وإن كان معسرا يعتق ما أعتق ويبقى الباقي محلا لجميع التصرفات المزيلة للملك من البيع والهبة وغير ذلك لان الاعتاق عنده لا يتجزأ في حالة اليسار وفي حالة الاعسار يتجزأ لما ذكرنا من الدلائل لأبي حنيفة فيقتصر حكم تصرف المعتق على نصيبه فيبقى نصيبه على ما كان من مشايخنا من قال لا خلاف بين أصحابنا في أن العتق لا يتجزأ وإنما اختلفوا في الاعتاق وهذا غير سديد لان الاعتاق لما كان
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222