هذه المقالة لا يحنث بخلاف ما إذ قال أنت حر إذا جاء غد لان ذلك تعليق بشرط لوجود كلمة التعليق فان قيل كيف يكون تعليقا بشرط ما في وجوده خطر ومجئ الغد كائن لا محالة قيل من مشايخنا من قال إن الغد في مجيئه خطر لاحتمال قيام الساعة في كل ساعة قال الله سبحانه وتعالى وما أمر الساعة كلمح البصر أو هو أقرب فيصلح مجئ الغد شرطا لكن هذا الجواب ليس بسديد لان الساعة لا تقوم الا عند وجود اشتراطها من خروج يأجوج ومأجوج ودابة الأرض وخروج الدجال وطلوع الشمس من مغربها ونحو ذلك مما دل عليه الكتاب ووردت به الاخبار والجواب الصحيح ان يقال إن مجئ الغد وإن كان متيقن الوجود يمكن كونه شرطا لوقوع العتق وليس بمتيقن الوجود بل له خطر الوجود والعدم لاحتمال موت العبد قبل مجئ الغد أو موت المولى أو موتهما وحينئذ لا يكون شرطا لعدم تصور الجزاء على أن الشرط اسم لما جعل علما لنزول الجزاء سواء كان موهوم الوجود أو متيقن الوجود وأما الإضافة إلى وقت موصوف فنحو أن يقول لعبده أنت حر قبل دخولك الدار بشهر أو قبل قدوم فلان بشهر أو قبل موت فلان بشهر ولا شك انه لا يعتق قبل وجود الوقت الموصوف حتى لو وجد شئ من هذه الحوادث قبل تمام الشهر لا يعتق لأنه أضاف العتق إلى الوقت الموصوف فلا يثبت فله ويشترط تمام الشهر وقت التكلم وإن كان العبد في ملكه قبل ذلك بشهور بل بسنين لان إضافة العتق إلى وقت ايجاب العتق فيه غير ايجاب العتق في الزمان الماضي وايجاب العتق في الزمان الماضي لا يتصور فلا يحمل كلام العاقل عليه ولا شك ان العتق ثبت عند وجود هذه الحوادث لتمام الشهر واختلف في كيفية ثبوته فقال زفر يثبت من أول الشهر بطريق الظهور وقال أبو يوسف ومحمد يثبت مقتصرا على حال وجود الحوادث وأبو حنيفة فرق بين القدوم والدخول وبين الموت فقال في القدوم والدخول كما قالا وفي الموت كما قال زفر حتى لو كان المملوك أمة فولدت في وسط الشهر يعتق الولد في قول أبي حنيفة وزفر وعندهما لا يعتق وجه قول زفر انه أوقع العتق في وقت موصوف بكونه متقدما على هذه الحوادث بشهر فإذا وجدت بعد شهر متصلة به علم أن الشهر من أوله كان موصوفا بالتقدم عليها لا محالة فتبين ان العتق كان واقعا في أول الشهر كما إذا قال أنت حر قبل رمضان بشهر ولا فرق سوى ان هناك يحكم بالعتق من أول هلال شعبان ولا يتوقف على مجئ شهر رمضان وههنا لا يحكم بالعتق من أول الشهر لان ثمة رمضان يتصل بشعبان لا محالة وههنا وجود هذه الحوادث يحتمل ان يتصل بهذا الشهر ويحتمل أن لا يتصل لجواز انها لا توجد أصلا فاما في ثبوت العتق في المسئلتين من ابتداء الشهر فلا يختلفان ولهذا قال أبو حنيفة ثبوت العتق بطريق الظهور في الموت وجه قولهما ان هذا في الحقيقة تعليق بهذه الحوادث لأنه أوقع العتق في شهر متصف بالتقدم على هذه الحوادث ولا يتصف بالتقدم عليها الا باتصالها به ولا تتصل به الا بعد وجودها فكان ثبوت العتق على هذا التدريج متعلقا بوجود هذه الحوادث فيقتصر على حال وجودها ولهذا قال أبو حنيفة هكذا في الدخول والقدوم كذا في الموت بخلاف شعبان لان اتصاف شعبان بكونه متقدما على رمضان لا يقف على مجئ رمضان ووجه الفرق لأبي حنيفة بين الدخول والقدوم وبين الموت ان في مسألة القدوم والدخول بعدما مضى شهر من وقت التكلم يبقى الشهر الذي أضيف إليه العتق وهو موهوم الوجود قد يوجد وقد لا يوجد لان قدوم فلان موهوم الوجود قد يوجد وقد لا يوجد فان وجد يوجد هذا الشهر والا فلا فلا لما ذكرنا ان هذا الشهر لا وجود له بدون الاتصاف ولا اتصاف بدون الاتصال ولا اتصال بدون القدوم إذ الاتصال إنما يتصور بين موجودين لا بين موجود ومعدوم فصار العتق وإن كان مضافا إلى الشهر متعلقا بوجود القدوم فكان هذا تعليقا ضرورة فيقتصر الحكم المتعلق به على حال وجود الشرط كما في سائر التعليقات فاما في مسألة الموت فبعدما مضى شهر من زمن الكلام لم يبق ذات الشهر الذي أضيف إليه العتق موهوم الوجود بل هو كائن لا محالة لان الموت كائن لا محالة فصار هذا الشهر متحقق الوجود بلا شك بخلاف الشهر المتقدم على الدخول والقدوم غير أنه مجهول الذات فلا يحكم بالعتق قبل وجود الموت وإذا وجد فقد وجد المعرف للشهر بخلاف الشهر
(٨١)