قيمته مدبر أوليس له أن يضمنه ما انتقل إليه من نصيب الثالث وهذا قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد العبد كله مدبر للذي دبره ويضمن ثلثي قيمته لشريكه موسرا كان أو معسرا لان التدبير لما كان متجزئا عند أبي حنيفة فلما دبره أحدهم فقد ثبت لكل واحد من الشريكين ست خيارات فلما أعتقه الثاني فقد استوفى ما كان له فلم تبق له ولاية تضمين المدبر وللساكت أن يضمنه لأنه أتلف عليه نصيبه فكان له ولاية التضمين وليس له أن يضمن المعتق لان ضمان المعتق ضمان معاوضة في الأصل وهو ضمان التملك وهو أن يكون بمقابلة الضمان ملك المضمون كضمان الغاصب ولو ضمن المعتق لا يملك المعتق المضمون لان التدبير انعقد سببا لوجوب الضمان على المدبر وانه يوجب ملك المضمون فصار ذلك النصيب مجال لا يحتمل النقل إلى غير المدبر فتعذر تضمين المعتق ولان المدبر بالتدبير قد ثبت له حق الولاء والولاء لا يلحقه الفسخ فلا يجوز ان ينقله إلى الغير وللمدبر ان يضمن المعتق لأنه بالاعتاق أتلف نصيبه باخراجه من أن يكون منتفعا به منفعة الاستخدام فيضمن له قيمة نصيبه لكن مدبر الآن المتلف مدبر ويرجع به المدبر على العبد لان نصيب الساكت انتقل إليه فقام هو مقامه وكان له أن يستسعى العبد فكذا للمدبر ولان الحرية لم يثبت في جزء منه فجاز ابقاؤه على الرق ولم يمكن ان يجعل هذا ضمان معاوضة لان نصيبه مدبر والمدبر لا يحتمل النقل إلى ملك الغير فجعل ضمان جناية بطريق الضرورة وان شاء المدبر أعتق نصيبه الذي دبره لان باعتاق شريكه لم يزل ملك هوان شاء استسعى العبد كما في عتق أحد الشريكين فان اختار الضمان كان للمعتق أن يستسعى العبد لان المدبر أقامه مقام نفسه فكان له أن يستسعيه فكذا له وليس له أن يضمن المعتق قيمة الثلث الذي انتقل إليه من الثالث لان المدبر إنما ملك ذلك الثلث عند القضاء بالضمان مستند إلى وقت التدبير والمستند ثبوته في المحل يكون ثابتا من وجه دون وجه فلا يظهر ملكه في حق المعتق فلا يضمن المعتق له ذلك وأما عندهما فالتدبير لما لم يكن متجزئا صار الكل مدبرا ويضمن ثلثي قيمة للشريكين لاتلاف نصيبهما عليهم سواء كان موسرا أو معسرا لا تجب السعاية هنا بخلاف الاعتاق لان بالاعتاق يزول ملكه فيسعى وهو حر وههنا بالتدبير لا يزول ملكه بل يصير العبد كله مدبرا له وكسب المدبر للمولى فتعذر الاستسعاء وعلى هذا إذا شهد أحد الشريكين على الآخر بالاعتاق بأن كان العبد بين رجلين وشهد أحدهما على صاحبه انه أعتقه وأنكر صاحبه لا تقبل شهادته على صاحبه ويجوز اقراره على نفسه ولم يجز على صاحبه ولا يعتق نصيب الشاهد ولا يضمن لصاحبه ويسعى العبد في قيمته بينهما موسرين كانا أو معسرين في قول أبي حنيفة وعندهما إن كان المشهود عليه موسرا فلا سعاية للشاهد على العبد وإن كان معسرا فله السعاية عليه أما عدم قبول شهادته فلا شهادة الفرد في هذا الباب غير مقبولة ولو كانا اثنين لكان لا تقبل شهادتهما أيضا لأنهما بشهادتهما يجران المغنم إلى أنفسهما لأنهما يثبتان به حق التضمين لأنفسهما ولا شهادة لجار المغنم على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم الا انه بشهادته على صاحبه صار مقر بفساد نصيبه باقراره على صاحبه باعتاق نصيبه فشهادته على صاحبه واقراره عليه ان لم يجز فاقراره بفساد نصيب نفسه جائز لان الانسان يصدق باقراره على نفسه خصوصا فيما يتضرر به ولا يعتق نصيب الشريك الشاهد لأنه لم يوجد منه الاقرار يعتق نصيبه بل بفساد نصيبه وإنما أقر بالعتق في نصيب شريكه الا ان اقراره بالعتق في نصيب شريكه في حق شريكه لم ينفذ فينفذ اقراره بالعتق في نصيب شريكه في حقه ولا يضمن الشاهد لشريكه لأنه لم يعتق نصيب نفسه وأما السعاية فلان فساد نصيبه بوجب التخريج إلى العتق بالسعاية ويسعى العبد لهما في قيمته بينهما فيسعى للشاهد في نصف قيمته ويسعى للمنكر في نصف قيمته سواء كان المنكر موسرا أو معسرا في قول أبي حنيفة لان السعاية ثبتت مع اليسار والاعسار على أصله أما حق الاستسعاء للشاهد وإن كان المشهود عليه موسرا فلان في زعمه ان شريكه قد أعتق وان له حق التضمين أو الاستسعاء الا انه تعذر التضمين لان اقراره لم يجز عليه في حقه فبقي له حق الاستسعاء وأما المنكر فلان في زعمه ان نصيبه على ملكه وقد تعذر
(٩٦)